• الساعة الآن 03:55 AM
  • 8℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

جمل فليتة وكسارات الكري في ضلاع همدان.. احتكار بـ”صميل الدولة"

news-details

 

 

خاص | النقار

"الجمل دولة". هكذا أصبح (محمد احمد محمد الجمل) يوصف في منطقة ضلاع همدان، بعد أن جيء به لشراء جبال المنطقة وإحالتها إلى خرسانة كمشروع استثماري للجماعة الحاكمة التي وجدت أن كل شيء يصلح للربح. جاءت بالجمل من مفارش عبدالسلام فليتة، المتحدث الرسمي للجماعة في عمان وصاحب الامتيازات الأكبر في قطاعات النفط وشركات الصرافة. لكن كل تلك الامتيازات لم تكن كافية بالنسبة لفليتة، الذي يحب أن يذكر في المحافل بدون ذلك اللقب، فراح يزاحم أصحاب الكسارات في منطقة اسمها ضلاع همدان، نائية عن خريطته وقريبة من أطماعه التي لا تشبع، ليستثمر في التراب هناك ويبيعه ضمن تنافس شريف نظيف، بل هو من الشرف والنظافة بحيث أتى بالجمل باعتباره الظهر الأكثر كفاءة على حمل أكبر قدر من التراب المنهوب، فيكون بذلك قد طبق المثل العربي القديم الذي يتحدث عن الجمل وما حمل.

ربما لا بأس من تلك المقدمة الطليلة طالما أن الجمل هنا هو جمل فليتة على وجه الخصوص ومن صنع الجماعة التي نذرت نفسها لفتح العالم وتحرير المقدسات، حتى تتضح الصورة أكثر.

بدأت قصة الجمل في منطقة ضلاع همدان منذ شهر، حين قدم مع كسارته واشترى الجبال هناك وبدأ مشروعه الاستثماري في طحن الصخور وبيعها خرسانة لشاحنات نقل الكري القادمة من العاصمة صنعاء ومناطق أخرى قريبة من المكان.

وبحسب مصدر خاص لشبكة النقار، فإن احمد محمد الجمل المكنى “أبو صلاح”، بعد أن اشترى جبال ضلاع همدان وبدأت الكسارة تعمل، لم يكن الخرسان الذي يستخرجه من تلك الجبال بجودة خرسان الكسارات الأخرى التي جاء ينافسها، فلم يكن أحد يذهب للتحميل من عنده، حيث الكري (الخرسان) هش ولا يصلح للتحميل، بالإضافة إلى أن “السوق بورة عند أصحاب الكسارات”.

يقول المصدر، وهو أحد أصحاب الشاحنات الذين يشترون الكري من الكسارات: “كنا نشتري المتر المكعب بـ3800 أو 4000 ريال من أفضل كسارة، هذا طبعاً بالإضافة إلى أن أصحاب الكسارات كانوا يدفعون منها مبلغ 1200 ريال لسلطة صنعاء تحت مسمى الزكاة والجيولوجيا، فكنا نعمل بكل سلاسة حيث السعر معقول جداً في ظل جو من التنافس بين أصحاب الكسارات، يعني القاطرة التي حمولتها 50 متراً مكعباً كنت أحملها من الكسارة قبل شهر بـ180,000 أو بـ200,000 ريال”.

ثم جاء الجمل “جمع أصحاب الكسارات، قال لهم أنا أشتري منكم الكري من 5000 للمتر المكعب، وأبيعه بالسعر الذي أريد”.

 

مكاتب تحصيل وبيع تراب

بصرف النظر عن اللغة التي استعملها أبو صلاح الجمل مع أصحاب الكسارات، وما إذا كانوا قد استجابوا تواطؤاً منهم أم أنها استجابة تحت التهديد، باعتبار أن “الجمل دولة ويتبع محمد عبدالسلام رأساً، بحيث لو سألت أي عجوز في همدان فإنها ستؤكد لك ذلك الأمر، ‏حتى محل المفروشات قد هي باسم الجمل”. حسب سائق الشاحنة. فقد استطاع بـ”صميل الدولة” أن يحتكر الكسارات تماماً بحيث لم يعد بوسع أحد التحميل منها إلا بأوامر منه.

ولكي يحرص على مصير كل حصوة خرسان تخرج من الكسارات، “أنشأ مكتب تحصيل عند بوابة كل كسارة واستقدم إليها طقوماً عسكرية، والآن يبيع لنا المتر الواحد بـ7800 ريال، ويحمل لنا منين ما يشتي هو، حتى تراب، وأصبحنا نحمل الشاحنة سعة 50 متراً مكعباً بـ380,000 بزيادة تصل إلى الضعف، يعني 200,000 بندفعها باطل وكري نصفه تراب”، وفقا لصاحب الشاحنة الذي وصف ما يحدث بأنه “احتكار بصميل الدولة، ‏نهب وسرق ما قد حدث ولا في أي مكان في العالم”.

ووفقاً لحسابات السعر الجديد الذي فرضه أبو صلاح الجمل على أصحاب الشاحنات، وهو مبلغ 7800 ريال للمتر المكعب، بدلاً عن السعر السابق المتمثل بـ3800 أو 4000 ريال، فإن التفاصيل، حسب المصدر، أصبحت على النحو التالي:

        •       ‏1,200 زكاة وجيولوجيا.

        •       ‏3,800 لصاحب الكسارة.

        •       ‏2,800 للجمل الذي هو عبارة عن محمد عبدالسلام وأبو يونس.

 

ويجمل المبلغ الذي يتحصل عليه الجمل يومياً بأنه لا يقل عن ثلاثين مليون ريال.

يختتم صاحب الشاحنة حديثه لشبكة النقار بالقول إن “المعلومات هذه صحيحة ألف في المية.. أنت تتكلم الآن مع رجال طالب الله، ما لي دخل في السياسة ولا بين أحقد على حد ولا معي مصلحة من حد”.

 

أصحاب الكسارات.. تواطؤ واستفادة

وبخصوص أصحاب الكسارات، يؤكد كثير من المتعاملين معهم أنهم مستفيدون كثيراً من الأمر، فهم الآن يطحنون تراباً ويبيعونه لأصحاب الشاحنات لأنهم واثقون من بيع بضاعتهم إجبارياً وبقوة أبو صلاح الجمل الذي أقفل باب التنافس وأبرم معهم عقداً يؤكد مختصون أنه مخالف لقانون حماية المستهلك وقانون الجودة وضبط المقاييس.

 العديد من سائقي شاحنات الكري الذين يشترونه من منطقة ضلاع همدان أشاروا بدورهم إلى أن أصحاب الكسارات مستفيدون جداً لأن الكسارة التي كانت تشتغل كري تراب ولم يكونوا يلتفتون إليها أصبحت اليوم تأخذ حصتها مثل أي كسارة أخرى. ‏حتى الكسارات التي كانت تنافس على جودة الكري أصبحت هي أيضاً تنتج “كري تراب”.

أما كيف استجاب أصحاب الكسارات لإملاءات وأوامر وعروض أبو صلاح الجمل، فيؤكدون أن ذلك يرجع لعدة أسباب، أولها أنه طمعهم بأن زاد لهم مبلغاً للمتر المكعب يتراوح بين 500 إلى 1000 ريال زيادة على السعر السابق ودون أن يكونوا ملزمين بإنتاج خرسان بجودة عالية، وهذا بحد ذاته عرض مغرٍ لا شك بالنسبة لهم، بحيث بادر الكثير منهم إلى القبول خصوصاً أصحاب الكسارات ذات الجودة الرديئة. أما الذين امتنعوا فقد تم إيقاف العمل في كساراتهم بقوة السلاح حتى رضخوا ودخلوا في جملة من دخل مع الجمل.

 

خاتمة

ما يحدث في ضلاع همدان مثال صارخ على تحول الدولة من جهة مسؤولة عن حماية المواطن إلى تاجر ينهب حقوقه ويستغل موارده. غياب القانون وممارسات الاحتكار بغطاء الدولة تسببت في تدمير أسس العدالة والمنافسة الشريفة. جبال تُنهب، وأسواق تُدار بالقوة، واقتصاد يُدار لصالح فئة لا تشبع أطماعها، في ظل غياب الرقابة والمحاسبة. إن استمرار هذه الأوضاع يؤدي إلى مزيد من الفساد والانهيار الاقتصادي، ويترك المواطن ضحية أمام جشع لا نهاية له.

شارك الخبر: