هناك جدل محتدم هذه الأيام حول ما أطلق عليها بخارطة الطريق، وهذا الجدل مبني على قاعدة أن "الناس أعداء ما يجهلون" بحكم أنه تم الإعلان عنها دون أية توضيحات حول ماهيتها ؟ قواعدها؟ من وضعها؟ ماهية مرجعيتها؟ من أطرافها ابتداء وفي كل مرحلة؟ وما هي غايتها النهائية؟
ورغم التسويق الإعلامي لبعض الإجابات السطحية الساذجة لبعض تلك الأسئلة لكن على مايبدو ، فإن تلك الإجابات جاءت لتزيد الطين بلة وتعقد الجدل حولها بتسويقها على أنها اتفاق سري تم بين طرفين حصرياً دون سواهم ( الرياض وصنعاء ) وهي كذلك فعلاً ،وما على الأطراف الأخرى إلا الحضور للتبصيم أو في أحسن الأحوال للحوار حول التنفيذ فقط .
في واقع الحال ، فإن أية خارطة يجب أن تكون واضحة المعالم حتى تدل على الطريق الصحيح ،مالم فإنها تؤدي إلى العكس ،أي إضاعة الطريق ومحطاته ، سواء أكانت المرحلية أم النهائية .
وبعيداً عن افتراض سوء النوايا في احتمال تعمد إضاعة الطريق "بخارطة" وبعيداً عن نقاش تفاصيل مراحلها وما الذي سيُنفّذ منها ، فقد خلقت الخارطة نتائج واقعية قائمة فعلاً ، حتى في حال فشلها أو رفضها من قبل الأطراف ، وحتى إن لم يتم التوقيع عليها .
إن من أهم النتائج المترتبة على الخارطة هي انتهاء الحرب - على الأقل - في شقها الخارجي ، وخروج التحالف العربي منها كطرف أساسي لتتحول صفته إلى وسيط أو راعٍ ، ووضع معالجة الجانب الإنساني على عاتق الأطراف المحلية حصراً دون أية التزامات مادية واضحة وملزمة ، أو سقوف زمنية من صناعها .
مانريد قوله هنا أن الجدل حولها لن يؤدي لإسقاط نتائجها أعلاه كما أن عدم صلاحيتها أو رفضها لن يعيد الحرب بصيغتها الخارجية كما أن ذلك لايعفي الأطراف من الحوار وإيجاد الحلول للجانب الإنساني وبصورة مستعجلة ، أما ماتبقى من تفاصيل فهي مسار متاهة ،نقطة نهايتها هي نفس نقطة بدايتها، لنكتشف في نهاية المطاف أننا أمام مبادرة خليجية (٢) تحمل في طياتها نفس أهداف وإخفاقات المبادرة الخليجية (١) عام ٢٠١١ م .