خاص
هل سيؤول الاعتداء الأمريكي والبريطاني على اليمن إلى حرب مستمرة إن نفذت قوات صنعاء اعتزامها بالرد على الضربات التي استهدفتها؟! ومن الذي سيدفع الثمن إزاء حرب كهذه إن هي نشبت؟!
يبقى الاعتداء مدانا بطبيعة الحال، غير أن طريقة كثير من قيادات جماعة أنصار الله تجعل من الاعتداء فرصة للذهاب إلى مدى أوسع، على حساب ما ينتظره المواطنون من التزامات ومسؤوليات يتم ترحيلها من حين لآخر. فسلطة صنعاء كثيرا ما تجد في كل ما يحدث من توترات إقليمية هروبا جيدا من التزامات الداخل، فالشهور والأعوام تمضي وهي غير عابئة بما يعانيه مواطنوها ووطنها، إذ لا أفق يبدو لحلحلة الأوضاع.
وإذا كان هناك إدانة واسعة من قبل معظم اليمنيين للاعتداء من قبل الأمريكيين والبريطانيين وانتهاكهم للسيادة اليمنية، فإنهم في الوقت نفسه يؤكدون أن الحرب ليست نزهة ولا انتحارا وأن على سلطة صنعاء أن تجيب على ذلك السؤال: هل ستؤول الأمور إلى حرب؟! وهل تدرك سلطة صنعاء ما معنى الحرب وتبعاتها على شعب منهك لم يخرج بعد من تسع سنوات عجاف أكلت الأخضر واليابس؟!
ربما من المبكر القول بأن حربا ستنشب بين صنعاء وتحالف تقوده الولايات المتحدة مباشرة. فهذه الأخيرة تدرك خطورة أن تتورط في الإتيان بجيشها ليخوض حربا مع اليمنيين، ولها في إسرائيل وتورطها في قطاع غزة خير دليل على عدم التفكير بتلك الخطوة. لكنها تمتلك السلاح الذي يجعل جيشها بمنأى عن ضربات اليمنيين وجها لوجه، وهو طيرانها وأساطيلها. ولن تكون الكلفة عالية بالنسبة لها والحالة هذه.
قد تكون سلطة صنعاء منتشية بالزخم الكبير الذي حظيت به عملياتها في البحر الأحمر ضد السفن الصهيونية وإعلانها الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني، لكن في الوقت نفسه عليها ألا تستغل هذه الاندفاعة الجماهيرية لليمنيين تجاه القضية الفلسطينية لكي تبحث عن حرب مكلفة وهي تعرف أن وضع البلد اقتصاديا وإنسانيا غير قادر على تحمل كلفتها الباهظة، فليس من الصواب أن تدفع بالأمور إلى التصعيد أكثر وأكثر إن كانت قادرة على الخفض والمناورة في حدود المعقول.
مشهد طوابير السيارات أمام محطات الوقود في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات الخاضعة لسيطرة أنصار الله يجعل من السهل التكهن بمآلات الأوضاع إن نشبت حرب جديدة. هذا الزحام والهلع من حدوث أزمة وقود وغاز ومواد غذائية يأتي فقط بعد ساعات من ضربات خاطفة ربما قد لا تتكرر، فكيف إن حدثت الحرب فعلا؟ فهل تدرك سلطة صنعاء ذلك؟ وهل اتخذت من التدابير ما يجعلها تصمد لتلك الحرب جيدا، خصوصا وأن ما كانت تتلقاه طيلة السنوات السابقة من معونات غذائية عبر برامج ومنظمات الأمم المتحدة غير متاح حاليا، بعد إعلان العديد من تلك البرامج والمنظمات وقف المساعدات؟ يتمنى اليمنيون أن يجدوا جوابا شافيا لأسئلتهم تلك بعيدا عن حالة انتشاء قد تذوب أمام حجم المعاناة التي يعيشونها منذ سنوات.