• الساعة الآن 09:46 PM
  • 16℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

عبث وفساد وجباية

news-details

 

أحمد سيف حاشد

 

(١)

هل ولد النبي في يوم أم في شهر..؟!

صيرتموه شهر افقار ونزيف وقطع طريق وجبايات ثقيلة لا تطاق.

شهر زينة وبهرجة، وإهدار للمال والعمل، والوقت الثمين.

شهر انقطاعات وغياب، وتعثر على أكثر من جانب وصعيد.

فساد وإهدار وعبث بالمال العام.

فيما الموظفون يعيشون الجوع والوجع من سنوات طوال دون رواتب أو عون.. سلطة تزدريهم، وتحيل حل محنتهم على خصومها، دون أدنى إحساس منها بما يعانوه من فاقة وعوز، وامتهان كرامة؛ والأهم أنها تعي وتعلم فادحة وعاقبة استحقاق مهول سوف يأتي على حاضرنا ومستقبل أبناءنا، وعلى وطن متعب ومنهك، قابل للتفكيك والبيع بالتجزئة.

سلطة لا تعي حتى الحد الأدنى من مسؤوليتها، بل وفاقدة لشعورها وإحساسها بوطنها المنكوب بين هذا وذاك، وما يمر به شعبها من جوع وهلاك واستباحة كرامة.

المعلمين دون رواتب، والتعليم مهدور ومفقود، يجري تجريفه كل يوم على نحو حثيث ودؤوب، دون وجود سلطة تعي أو تكترث بشعبها الصابر والمصابر ، والمواطن المجالد من أجل البقاء والستر والأمل، ومواجهة دكاكة الفقر التي تسحق عظامه وتذل روحه، وشعب بات منكوبا ومغلوبا بين هذا وذاك.

 

(٢)

احسبوا فقط كم تم خلال هذا الشهر - شهر مولد النبي "ص" - من فرض ومضاعفة كثير من الجبايات، دون سند من دستور أو نص في قانون.. !!

جبايات يجري فرضها بعيدا تماما عن مجلس النواب الذي في حال كهذا يتم تغييبه، والاستيلاء على صلاحيته واختصاصاته، من قبل سلطة الغلبة المتوحشة التي تفرض الجبايات على المواطن كما تريد، ومن دون تشريع أو رقابة أو أدنى نقاش..!!

سلطة متوحشة تطلق يدها في الجباية دون اكتراث بحال شعبها المنكوب، وما آل إليه من حال كارثي، ولا تقبل فيما تصدره وتفرضه من جبايات كارثية بحق شعبها أي مراجعة أو جدل أو اعتراض..!! سلطة لا تعي مسؤوليتها حتى باعتبارها سلطة أمر واقع.

 

 

(٣)

انتهت الحرب فيما الضرائب والجبايات بكل مسمياتها وعناوينها مستمرة، بعد أن ظننا إثما، أننا سنجد منها مراجعة تلك الجبايات التي تم فرضها بمبرر  الحرب، أو ستعيد النظر في تلك الجبايات التي فقدت مبرراتها، حتى الكاذبة منها، غير أن ما حدث كان محل خيبة كبيرة وأسف أشد، حيث وجدنا الجبايات بعد الحرب، على المواطن، "الجدار القصير" للسلطة، متكاثرة، وغزيرة كالمطر، تتضاعف دون علة تذكر، أو جدية سبب، ودون أن نجد رجل فيها يقول لها، كفاية.

سلطة متوحشة تريد أن تفعل بالشعب ما تريد، ولا تريد أن تقدم ميزانية أو موازنة، أو تعترف بمبدأ فصل السلطات، أو تعترف باستحقاقات شعبها بعد سبع سنوات حرب ضروس، أو بسلطة رقابة عليها من خارج إطار الجماعة.

إنها سلطة تزدري الدستور ولا تعترف بقانون يلجم تصرفاتها.. سلطة غبية ترى أن الجباية هي وظيفتها الأولى، وحق لها دوننا، ومن دون واجب أو استحقاق لشعبها، وبهذا إنما هي تكشف بعض أخر من وحشية وجهها المغلظ بالدمامة والجشع.

استهتار واستهانة بالغة بشعب منكوب بسلطة توحشت عليه، وتدعي زورا وبهتانا إنها تمثله، وتعبر عنه وعن حاجته.

إنها سلطة باتت عارية بقبحها، تفعل هذا وذاك، دون حياء أو قليل من خجل..

 

(٤)

ما تم ويتم فرضه ومضاعفته من جباية وغلاء معيشه يدفعها المواطن وحده، لا أحد سواه.. يدفعها من قوته ومعاناته وعزيز ماله، وبعض منها يدفعها من مستقبل ابنائه وحقهم في التعليم والحياة والعيش الكريم..

بات المواطن الموظف والمعلم يعجز عن تعليم ابنائه؛ ليستحوذ الجهل الغشوم على حاضرنا ومستقبل أبناءنا، وربما أجيال ستأتي إن بقى هذا العهد الثقيل؛ فتسود شعبنا المخافات كلها طوال ما بقي هذا العهد الدميم بجلل وجوده وتبعاته، وتبعات سنينه الحالكات.

تم مضاعفات الضرائب وجبايات أخرى باسم صندوق المعلم، والمعلم دون راتب إلى اليوم.. وكأنهم وجدوا فقط ليحكموا هذا الشعب ويجبوه دون استحاق أو حساب، حتى يبلغون من الشعب حطامه، ويسودونه بأوزارهم وأثقالهم المثقلة بالجوع والجهل والمرض.

تم مضاعفة ضرائب وجبايات أخرى باسم صندوق الشهداء، فيما أسر الشهداء تعيش الضيق والفاقة والعوز.. تسرج قبورهم في أعيادهم، وبيوت أسرهم طافية تكتظ بالظلام الكثيف، ويسحقها الجوع والعوز طوال أيام السنة.

(٥)

وفي هذا الشهر ايضا - شهر المولد النبوي "ص" - والذي كنا نتوقع فيه صرف مرتبات الموظفين بقرار مفاجئ من السلطة، ومنحها لشعبنا بعض استحقاقات صموده، وجدنا شعبنا تحت وطأة جبايات جديدة وثقيلة من جهة، ومضاعفة أسعار الإنترنت، رغم إن الإنترنت لدينا هو الأغلى على الإطلاق في بلدان العالم قاطبة.

شركات الاتصالات وكما يعلم الكثير أن أرباحها في بلادنا كبيرة وطائلة، وبدلا من أن نسأل سلطة الجباية أين تذهب ما تجبيه من الاتصالات..!! بتنا نسألها: إلى أين أنت ذاهبة بشعبنا أيتها السلطة الجابية.

 

(٦)

كثيرة هي المسميات التي تم فرض الجبايات تحت عناوينها، ومن دون علم المواطن أو مجلس النواب الذي باتا كلاهما يتفاجأن بها في فواتير الماء والكهرباء والاتصالات وغيرها.

شهر مولد النبي "ص" صار مرتعا للجبايات الكثيرة والمتعددة، وللفساد الشره الذي يقتات منها ما أستطاع.. تلك الجبايات تستنزف المواطن في عزيز ماله ومن نزيف روحه، وللأسف جلها يتم دون موجب من دستور أو قانون.

كثير من إهدار المال العام يتم لغير الصالح العام، ويخدم سياسة سلطة جماعة لا خدمة شعب محروم من أهم حقوقه واستحقاقاته، بسبب سلطة لا تكترث بجوعه ومعاناته.

المال العام بات في وجه منه مستباحا لدى سلطة المشرفين، ويعتبر الفساد تلك الاعياد والمناسبات الفئوية والطائفية والدينية موسما ومرتعا له، يستولي على جله أو نصيبه منه.

المال العام في وجها منه بات مجيرا سياسيا لصالح جماعة. فبأي حق يتم تسخير أموال الصناديق على الضد من قوانين إنشاءها، ولصالح غير المصالح والأهداف التي أنشئت من أجلها. بأي حق يجير المال العام لصالح أعياد واحتفالات فئوية وطائفية يتم فرضها وتسيسها في خدمة سلطة جماعة أو فئة فيها.

 

(٧)

أموال الصناديق المخصصة لأغراض تنموية واجتماعية وخدمية للمواطن، بأي حق يتم تجييرها، أو تسخير بعضها لخدمة سلطة جماعة تحتفل بأعيادها التي باتت تتكاثر، وتضيق فسحها، وتتضائل  الايام بينها.

هذا فساد ينطبق عليه معايير الفساد في كل بلدان العالم، وكل قوانين العالم تناهضه وتكافحه وتجرمه.. فلماذا لا تدفع الجماعة لتغطية اعيادها ومناسباتها والاحتفالات التي تفرضها علينا من مالها الخاص، إن وجد لها أصلا مالا خاصا، بدلا من أن تماهي الخاص بالعام، أو تستحوذ على العام، لتمنح شعبنا منه صدقة، والصدقة لديها من أوساخ الناس..؟!!

 

(٨)

بأي حق تتم جباية مؤسسات وشركات القطاع العام والوحدات الاقتصادية المستقلة لصالح جماعة أو فئة، تغدق على أعيادها وموالدها ومناسباتها الفئوية، والاحتفالات التي تفرضها وتسوسها في خدمة جماعتها على حساب مصالح شعبنا واستحقاقاته في الحياة.

بأي حق تحمل سلطة الجماعة غيرها، أو ترغم الأغيار على الاحتفاء بمناسباتها وأعيادها باستخدام سلطة الدولة التي تسيء استخدامها إلى حد بعيد، إن لم يكن السوء من ألفها إلى ياءها.

كل هذا وذاك يحدث، فيما شعبنا يجوع ويهلك..

الموظفين والمعلمين ينشدون رواتبهم من سنوات طوال.. بعضهم أجتلط أو قضاء نحبه منتحرا بعد أن صلبت عينيه على أمل لم يات، ومنهم من غادر الحياة يائسا ومعلولا، ولم يستطع شراء حبة دواء، فيما سلطة الجباية تمنعها عنهم، وتتخلى عن أي مسؤولية حيالهم، وتتسول غيرها لمنحها لهم، وبالها ورغبتها الجامحة تجوس دون كلل أو ملل للحصول على نصيب الأسد مما سيعطى لهم.

 

شارك المقال: