قبل سنوات، قامت جماعة أنصار الله بتحويل النصب التذكاري للجندي المجهول في ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء إلى قبر للقيادي صالح الصماد، الذي قتل مع مرافقيه يوم الخميس 19 أبريل 2018 إثر غارة لقوات التحالف على مدينة الحديدة.
يقول أحد المعلمين إنه سأل طلبته في الصف الثالث عن اسم النصب التذكاري في السبعين، فكان أغلب ردودهم: هذا قبر الصماد.
يضيف المعلم أنه بالرغم من أن الصماد يحظى بشعبية جيدة في أوساط الناس، إلا أن ذلك لا يعني أن يتم اختزال رمزية الجندي المجهول إلى شخصية معينة، مشيرا إلى أن نصب الجندي المجهول يجب أن يرمز لجميع شهداء اليمن باختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم، فتضحيتهم للوطن هي من تجمعهم واختزال هذا النصب ليمثل شخصية معينة من تيار واحد فعل خاطئ.
أصبح المكان مزارا يتم فيه التجمع على الدوام لالتقاط الصور في مناسبات الفرح وخصوصا الأعراس، أو عند زيارة أبناء المحافظات الأخرى لصنعاء، فيكون التصور أمام أعمدة النصب التذكاري الذي أصبح قبرا هو الدلالة على زيارتهم لصنعاء. وقد لا تكون الصورة الصامتة مجدية لسماع صوت الطاسة الذي لا يهدأ، فيقلب وضع الكاميرا إلى فيديو. وقد يلتقط هذا الزائر أو ذاك العريس صورة بطولية على صهوة حصان من تلك التي انتقلت من شارع التحرير إلى السبعين، وهو يؤدي الصرخة أو يتوعد، قبل أن ينصرف مملوءا بالحبور.
لماذا الصماد بالذات؟
يعبر بعض المراقبين في أوساط أنصار الله، وخصوصا من الجناح المحسوب على الصماد، عن خشيتهم من تعمد قيادة أنصار الله وضع قبر الصماد على وجه الخصوص في هذا المكان، وليس حسين الحوثي مثلا، والذي يعتبر هو الأساس والمؤسس والقائد.
ربما أنهم ينظرون إلى مستقبل لم يعد بعيدا ويتوقعون فيه ثورة ما على جماعتهم فيكون قبر الصماد هو الوجهة الأولى لها بعد أن يكون قيادات الجماعة قد فروا بفارهاتهم وأرصدتهم إلى الخارج أو إلى قبر حسين الحوثي في صعدة وتركوا الصماد.
يخلصون من مخاوفهم غير المعلنة إلا في الحلقات المغلقة إلى نتيجة مفادها أن من يطلقون عليهم "سادة ضحيان" الذين كانوا على غير وفاق مع الرجل تعمدوا أن يضعوا قبر الصماد بالذات هناك حتى ينتقموا منه مرتين.
قد تكون مخاوف لها مبرراتها من كون جعل قبر الصماد مكان النصب التذكاري للجندي المجهول عملا مقصودا للانتقام من الرجل أكثر من كونه احتفاء به، لكن يظل الفعل بحد ذاته مستهجنا عند كثير من أطياف المجتمع الذي ينظرون بازدراء صامت، وهم يمرقون بسياراتهم من أمام تلك الأعمدة، لما يحدث من تجريف لرمزية جمهوريتهم من قبل أنصار الله.