خاص-النقار
تشهد مكاتب مصلحة الأحوال المدنية والسجل المدني التابعة لسلطة صنعاء ازدحاماً غير مسبوق، لتجديد البطاقات الشخصية منتهية الصلاحية، بعد أن أوقفت المصلحة التعامل بها.
ومنذ أسبوعين يتوافد المواطنون على فروع المصلحة لتجديد بطاقاتهم، وسط إجراءات روتينية معقدة، وعمليات ابتزاز، وتقنية متهالكة، وانطفاءات متكررة للتيار الكهربائي، ما يطيل عملية التجديد ويجعل المواطن يتردد لفترة أطول على فروع المصلحة.
وأفاد "النقار" مصدر في إدارة مختصة بالإحصاء في مصلحة الأحوال المدنية بصنعاء أن ما يقارب مليون بطاقة مرّ على انتهاء صلاحيتها أكثر من 10 أعوام ولم تُجدَّد، في حين أن البطاقات التي مرّ على انتهاء صلاحيتها أكثر من عام ولم تُجدَّد تتجاوز 3 ملايين بطاقة.
وفي سياق متصل، قال مصدر اقتصادي مطلع لـ"النقار" إن توقيت تعميم المصلحة بتجديد البطاقات الشخصية المنتهية يشير إلى أن العملية مرتبطة بالإيرادات بدرجة رئيسية، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية التي تواجهها سلطة صنعاء، موضحاً أن تجديد مليون بطاقة فقط يوفر ثلاثة مليارات ونصف المليار ريال، باعتبار أن رسوم التجديد 3500 ريال للبطاقة، إضافة إلى تحديث البيانات الأمنية ومعرفة حجم المجدّدين من مناطق السيطرة.
ويؤكد العديد من المراجعين لفروع المصلحة أن ما يدفعه المواطن لتجديد البطاقة الشخصية يصل إلى أكثر من 10 آلاف ريال، منها 3500 ريال الرسوم الرسمية، نظراً لما يتعرضون له من ابتزاز أثناء مراحل التجديد، وتأخير بعض الموظفين للمعاملات في حال عدم الدفع.
وقال المواطن فؤاد النجار لـ"النقار" إنه ذهب لتجديد بطاقته قبل أسبوعين، لكن رسائل نصية وصلته ثلاث مرات تفيد بضرورة استكمال الإجراءات بسبب عدم ظهور البصمة، مشيراً إلى أنه يعود كل مرة لتمرير ملفه من جديد بين الموظفين، وكل موظف يطلب 500 ريال، موضحاً أن بطاقته لم تصدر بعد، وقد دفع 12,500 ريال.
وأكد المواطن حامد الجحدري لـ"النقار" أنه بصم يوم السبت الماضي للمرة الرابعة، مشيراً إلى أن الموظف الذي يستلم منه الملف، يطلب منه 200 ريال مقابل ان يضع له دهاناً على الأصابع حتى تظهر البصمة، وفي كل مرة يحصل على نوع مختلف، لكنه في المرة الأخيرة طُلب منه دفع الضعف بحجة أن الدهان الجديد “علاج يظهر البصمة”. وأوضح أنه يدفع في كل زيارة بين 1000 إلى 1500 ريال لتسهيل مرور ملفه، حتى لا يتأخر عن عمله الذي يخسر بسبب المراجعة نصف يوم أو يوماً كاملاً من أجره.
أما عارف الهمداني، فقال إنه يأتي من همدان إلى صنعاء لمتابعة تجديد بطاقته لأن التجديد رُبط بمراكز محددة، وأوضح لـ"النقار" أنه تابع معاملته يومين كاملين، وبعد ثلاثة أيام وصلته رسالة تطلب منه المراجعة، فعاد للبصمة، لكن بسبب الازدحام لم يتمكن من الدخول إلا في اليوم التالي.
ويُعزى الازدحام المتواصل منذ أكثر من أسبوعين في صنعاء إلى محدودية مراكز التجديد، إذ لا تتجاوز غرف التبصيم والتصوير غرفتين في أغلب المراكز، باستثناء المركز الرئيسي بعصر والمجمع الآلي بشارع خولان اللذين يحتويان على أربع غرف.
كما تمثل كاميرات التصوير سبباً في إهدار الوقت، نظراً لدقتها المنخفضة، ما يضطر الموظف لإعادة التصوير عدة مرات حتى تظهر الملامح بوضوح. وفي هذا الجانب قال المواطن محمد عبده الشجاع لـ"النقار" إن معاملته أُعيدت، بسبب الصورة غير الواضحة، واضطر للانتظار يومين لإعادة التصوير.
وقال موظف في المركز الرئيسي للأحوال المدنية بعصر إن الموظفين يعانون من أعطال أجهزة الكمبيوتر وبطء النظام وعدم دقة أجهزة البصمة، نظراً لتقادمها وعدم تحديثها منذ عام 1998، إضافة إلى بطء الإنترنت. وكشف لـ"النقار" أن غياب خازنات الطاقة عن أجهزة الكمبيوتر أثناء الانطفاءات يؤدي إلى إعادة إدخال البيانات مجدداً، مؤكداً أنهم يشتكون لقيادة المصلحة منذ سنوات، دون أن يتم التجاوب معهم.
من جانبها، أكدت المواطنة سهام محمد لـ"النقار" أن شرطيات يأخذن ألف ريال مقابل إدخال النساء من بوابة خلفية، وأخريات داخل المركز يكملن المعاملة مقابل ألفي ريال لكل ملف، مشيرة إلى أن ذلك يحدث في مركز عصر.
أما عتيقة مصلح النهدي، فقالت إنها تفاجأت عندما ألزمت إحدى الموظفات والدتها المسنة بإجراء فحص فصيلة الدم، رغم أن فصيلتها مثبتة في بطاقتها المنتهية، وحين اعترضت رفضت الموظفة استكمال المعاملة، ما أجبر والدتها على الفحص. وأشارت إلى أن الموظفة ذاتها تستغل جهل كبار السن لتلزمهم بفحص الفصيلة، للحصول على عمولات من المختبر.
وأمام مراكز التجديد، راجت عمليات بيع الفازلين والبرتقال، اللذين يستخدمهما المواطنون لدهن الأصابع لإظهار البصمة، لتفادي العودة مرة أخرى. ورغم ذلك يلزم كثير من الموظفين المبصِّم بدفع 300 ريال مقابل مرهم يوضع على الأصابع قبل البصمة، وفق ما أفاد المواطن حسن غانم لـ"النقار"، مؤكداً أن المواطن يضطر للدفع حتى يتجنب تكرار الزيارة.