خاص | النقار
كأن الإعلان الذي صدر اليوم عن وقف الحرب في غزة قد أفسد على سلطة صنعاء برنامجا كانت قد اعتادته وأدمنت عليه، لدرجة أنه لم يعد بمقدورها أن تجد نفسها من دونه.
عامان مرا منذ أكتوبر 2023 وحتى أكتوبر 2025 اعتادت فيهما سلطة صنعاء على برنامجها ذاك المكون من ثلاثة عناوين: (خطاب، بيان، مسيرة)، بحيث يمضي الأسبوع وراء الآخر والشهر بعد الشهر والسنة تلو السنة وهي ماضية فيه بانتظام صارم.
لم يكن الإعلان مفاجئا بطبيعة الحال، لكن حالة الإدمان تفرض شروطها كما يبدو، وعلى الفلسطينيين أن يتفهموا الوضع النفسي الذي تمر به سلطة صنعاء وبحثها الدؤوب عن خارج يستوعب بطولاتها.
ربما كانت تنتظر من حماس أن تقول في بيانها الأخير إن وقف الحرب كان سببه الأول هو "الضربات التي تلقاها العدو من الإخوة اليمنيين طيلة عامين وأنها هي وحدها التي أجبرته على القبول بوقف الحرب". لكن حماس خذلت (إخوان الصدق في اليمن)، واكتفت بالقول: "نقدّر عالياً جهود الإخوة الوسطاء في قطر ومصر وتركيا، كما نثمّن جهود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الساعية إلى وقف الحرب نهائياً وانسحاب الاحتلال بشكل كامل من قطاع غزّة".
صحيح أن سلطة صنعاء ستعلن أنها تحترم خيار الفلسطينيين في وقف الحرب، لكنها لن تضمن ما الذي يمكن أن تفضي إليه حالة الإدمان التي تعيشها منذ عامين، والتي ستجعلها تقوم اليوم على سبيل المثال، وبالتزامن مع إعلان وقف إطلاق النار بإطلاق مسيرتين باتجاه إسرائيل، ترجمة منها لاحترام ذلك الخيار.
وهنا على الإخوة الفلسطينيين أن يتفهموا معنى أن يمر خميس من دون خطاب لـ"سيد القول والفعل" أو دعوة من قبل لجنة الأقصى المباركة. معنى ذلك أن خللا في البرنامج قد حدث وانعكس سلبا على كثير من الأمور الاستراتيجية، أقلها أن حسابات نصر عامر على مواقع التواصل ستعاني من شحة كبيرة في التغريدات المقتبسة والمضبوطة بموعد زمني دقيق.
باختصار.. هذه جماعة لا تستطيع البقاء من دون حرب. وبالتالي هي لا تريد للحرب في غزة أن تتوقف على الإطلاق، لأن ذلك معناه الوقوف من جديد أمام السؤال الأبدي الذي يحاصرها في الداخل: ماذا بعد؟