• الساعة الآن 10:45 PM
  • 19℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

إب تغرق في التلوث.. مياه المجاري تروي محاصيل وتفشي الكوليرا يهدد السكان!

news-details

 

خاص | النقار - إب 
عادت ظاهرة ري الخضار في مدينة إب بمياه المجاري إلى الواجهة، بالتزامن مع زيادة حالات الإسهالات المائية وغيرها من الأوبئة والأمراض التي تسجل في المدينة ومحيطها الريفي.

وتنتشر زراعة الخضار التي تعتمد في ريّها على مياه المجاري في مفرق ميتم جنوب شرق مدينة إب، وقرب السجن المركزي في مديرية المشنة، حيث يقوم المزارعون بتوصيل أنابيب إلى مجرى مياه المجاري وشفطها إلى مزارعهم، أو فتح قنوات المجاري وتوصيل الأنابيب إلى داخلها، ومن ثم شفطها.

يقول مصدر في مؤسسة المياه والصرف الصحي بإب لـ"النقار" إن ري الخضار باستخدام مياه المجاري بدأ بشكل لافت في 2013، لكن مساحاتها ظلت محدودة، وطرحت المؤسسة الموضوع على السلطة المحلية في المحافظة والجهات الصحية، وبدأ التحرك في 2014 لضبط المزارعين، غير أن الظاهرة عادت بقوة منتصف 2015، وأدى غياب الرقابة إلى توسع تلك المساحات.

وأكد لـ"النقار" مصدر يعمل في ديوان محافظة إب أن توسع مساحات الخضار المروية بمياه المجاري في مدينة إب هو نتاج لصمت السلطات، التي تكتفي بأخذ الجبايات مضاعفة من المزارعين، مشيرًا إلى أن هناك من يدافع عنهم من المشرفين والنافذين في المحافظة.

وكشف لـ"النقار" مصدران محليان أن المزارعين الذين يقومون بريّ محاصيلهم بمياه المجاري يتهربون من دفع قيمة المياه الخاصة بالآبار التي يستخدمها كثير من المزارعين، خصوصًا في منطقة ميتم. وقال أحد المصدرين إن المزارعين الذين يقومون بريّ مزارعهم بمياه الآبار شكوا أكثر من مرة للجهات الأمنية والسلطة المحلية مما يقوم به آخرون من استخدام مياه المجاري في الري، غير أن الجهات المعنية لم تولي تلك الشكاوي أي اهتمام.

وأشار المصدر الثاني إلى أنه في 2017 قامت حملة أمنية بضبط جميع المزارعين الذين يستخدمون مياه المجاري في ريّ الخضروات في مفرق ميتم وجوار السجن المركزي، غير أنهم ظلوا محتجزين قرابة أسبوع، وتم الإفراج عنهم بعد دفع مبالغ مالية، وتحرير التزامات بعدم استخدام مياه المجاري، غير أنهم عادوا لطريقتهم القديمة في الري، دون أن تقوم الجهات المعنية بضبطهم وإحالتهم إلى القضاء، كونهم يرتكبون جريمة تستهدف صحة المجتمع.

وعند زيارة مزارع الخضار في مفرق ميتم وجوار السجن المركزي في مدينة إب، تجد أمامك خراطيم نقل المياه من السائلة التي تمر فيها المجاري ومن قنوات الصرف الصحي، وبجوارها شفاطات خاصة لدفع تلك المياه إلى المساحات المزروعة، ما يؤكد غياب الدور الرقابي، وبالتالي فإن يقين المزارعين بإفلاتهم من العقاب جعلهم يتمادون في سقي المزروعات بتلك المياه الملوثة.

وأفاد "النقار" مصدران في مكتب الصحة ومكتب الهيئة العامة للبيئة بإب أن دراسة سُلّمت نهاية 2014 إلى السلطة المحلية في المحافظة بخصوص الأثر الصحي والبيئي الذي تسببه مياه المجاري التي تُستخدم في ريّ الخضار، غير أن تلك الدراسة ما تزال حبيسة الأدراج.

وأضاف أحد المصدرين أنه في 2018، ومع توسع المساحات المزروعة بالخضار جوار السجن المركزي وتمددها باتجاه مبنى الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، تم تحرير مذكرة من مكتب الصحة إلى السلطة المحلية بمخاطر ذلك، وتذكيرهم بالدراسة العلمية التي أُنجزت في 2014، وحينها تم توجيه الأجهزة الأمنية بمنع دخول الخضار التي تُزرع في تلك المناطق إلى الأسواق، لكن المنع لم يستمر أكثر من أسبوع، وكانت الحواجز الأمنية المعنية بالمنع تسمح بمرورها مقابل فرض إتاوات على كل سيارة تحمل تلك الخضار.

وكشف لـ"النقار" مصدر مطلع على الدراسة التي سُلّمت للسلطة المحلية في 2014 أن نتائج تحليل العينات التي قام بها الباحثون كشفت أن الخلايا البكتيرية في تلك المياه تصل إلى 47 خلية في المتوسط، في حين أن مياه الصرف الصحي المسموح بها لريّ المحاصيل ذات السيقان الرفيعة تصل فيها عدد الخلايا البكتيرية بين (2 - 5) خلايا فقط، مع تحديد نوع الخلايا، في حين لا يُسمح أن تُروى بها الخضار بسبب مخاطرها الصحية المؤكدة، لأن الخضار عادة ما تكون ملامسة للتربة، ما يؤدي إلى تلوثها عند الري، فضلًا عن أن الري بتلك المياه يجعلها حاملة للعديد من الأمراض. مشيرًا إلى أن تلك العينات أُخذت من أحواض التعقيم، وهي المرحلة الأخيرة للمعالجة، ما يؤكد أن تلك المياه اكثر تلوثا.

وقال لـ"النقار" أخصائي مختبرات يعمل في مستشفى الثورة بمدينة إب إن حالات الإسهالات التي تشهدها مدينة إب ومحيطها الريفي تكاد تكون مستمرة على مدار السنة، مشيرًا إلى أن نتائج التحليلات في الغالب للحالات التي تصل المستشفى تؤكد ارتفاع الخلايا البكتيرية المسببة للإسهالات، مبينًا أن كثيرًا من المرضى يؤكدون أنهم تناولوا خضارًا قبل أن يُصابوا بتلك الإسهالات، مشيرًا إلى أن الإحصائيات تُرفع بشكل دائم إلى مكتب الصحة مع توصيات بضرورة وضع حد للأسباب، ومن بينها الخضار المروية بمياه المجاري، غير أنها لم تُتخذ أي إجراءات تنفيذية على أرض الواقع.

وكشف لـ"النقار" مصدر مطلع أن مؤسسة المياه والصرف الصحي بإب، رغم إدراكها لحجم الضرر على صحة المجتمع جراء ريّ الخضار بمياه المجاري، إلا أنها قامت مؤخرًا بحفر بئر بالقرب من السائلة التي تعبر فيها مياه المجاري جوار السجن المركزي بمديرية المشنة، وتستخدم مياهه لتغذية المدينة بالمياه التي تُضخ إلى المنازل.

شارك الخبر: