تخوف مسؤولون أوكرانيون من أن تلقي الانتخابات الأميركية بظلالها على مسار الحرب في بلادهم، ما قد يعطل إمدادات الأسلحة والذخائر للقوات على خط المواجهة، لذا لجأوا إلى التواصل المباشر مع الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء، وتجنب الانغماس في السياسة الداخلية للولايات المتحدة والمنافسة المحتملة بين دونالد ترامب وكامالا هاريس.
ويعتقد محللون أوكرانيون ومراقبون أن هناك تعويل بالداخل الأوكراني على أن يفعل الرئيس الأميركي جو بايدن شيئا لكييف قبل مغادرته البيت الأبيض، وسط مخاوف من خطط محتملة لتسوية الحرب "تحت أي وضع ومن دون حصول أوكرانيا على كامل أراضيها".
وأشار المحللون إلى أن التحول الأخير بانسحاب بايدن ودخول نائبته هاريس للسباق، أدخل حرب أوكرانيا كغيرها من ملفات السياسة الخارجية الأميركية إلى "منطقة مجهولة"، بانتظار معرفة ما قد يعنيه أي تغيير في البيت الأبيض على ساحة المعركة.
مواقف متباعدة
كافحت الإدارة الأميركية، التي طالما دعمت كييف بالمساعدات العسكرية والاقتصادية منذ اندلاع الحرب، أواخر العام الماضي لتمرير حزم المساعدات في الكونغرس، خاصة مع رفض بعض المشرعين الجمهوريين التصويت لصالحها، وتصاعدت الأزمة بعنف حتى أبريل حين وافق المشرعون على دعم قدره 61 مليار دولار.
وأشارت صحيفة "بوليتيكو" الأميركية إلى أنه إذا فازت هاريس، فمن المتوقع أن تواصل العديد من أهداف السياسة الخارجية لبايدن، بما في ذلك المساعدة المتواصلة لأوكرانيا.
لكن على العكس من ذلك، تعهد الرئيس السابق ترامب بقطع المساعدات الأوكرانية إذا أعيد انتخابه، وإجبار كييف على الوصول إلى اتفاق سلام مع روسيا.
في حين جاء اختياره جيه دي فانس في منصب نائب الرئيس، للإشارة إلى مستقبل تعامله مع هذه الحرب، خاصة مع معارضة الأخير بشدة لاستمرار الدعم لأوكرانيا، كما أن فانس لعب دورا رئيسيا في محاولة إلغاء مشروع قانون مساعدات أوكرانيافي وقت سابق من هذا العام.
واعتبرت شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأميركية، أن كييف تواجه حاليا تحديا مزدوجا يتمثل في صعوبة الوضع على الجبهة، وعدم اليقين حول مدى الدعم المستقبلي الذي ستحصل عليه من أقرب حلفائها.
ماذا بعد بايدن؟
عن التحول في مسار الانتخابات الأميركية، قال محلل الشؤون الأوكرانية بمجموعة الأزمات الدولية لوسيان كيم لموقع "سكاي نيوز عربية"، إنه "على المدى القصير، لن يتغير الكثير بالنسبة لأوكرانيا"، معتبرا أن حزمة المساعدات البالغة 61 مليار دولار التي أقرها الكونغرس في أبريل ستساعد كييف عسكريا لأشهر مقبلة.
وأضاف كيم أنه "مع أو بدون بايدن في السباق الانتخابي، تنتظر كل من كييف وموسكو بشغف ما ستسفر عنه نتيجة الانتخابات الأميركية".
وفي اعتقاد كيم أنه إذا فازت هاريس بمنصب الرئيس، فستواصل سياسة بايدن المتمثلة في الدعم القوي لأوكرانيا، كما ستحاول العمل مع الجمهوريين المعتدلين في الكونغرس للحفاظ على تدفق المساعدات.
وشدد محلل الشؤون الأوكرانية على أنه "في ظل رئاسة هاريس، لن تزداد احتمالية التوصل إلى تسوية سلمية إلا إذا تمكنت أوكرانيا من الحصول على مزايا من روسيا، كما أن إدارة هاريس لن تدفع كييف للموافقة على اتفاق وفق شروط موسكو".
أما إذا فاز ترامب فـ"يجب أن نتوقع تغييرا جذرايا في السياسة الأمريكية تجاه أوكرانيا"، حسبما قال كيم، مضيفا أن اثنين من مستشاري الرئيس السابق قدما له خطة تدفع فيها الولايات المتحدة طرفي الصراع إلى طاولة المفاوضات من خلال تهديد الكرملين بزيادة المساعدة العسكرية لأوكرانيا، بينما يتم إبلاغ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أنه سيفقد المساعدة الأميركية إذا لم ينضم إلى المحادثات.
ووفق محلل الشؤون الأوكرانية، فإن العناصر الرئيسية لخطة ترامب تتمثل في وقف إطلاق النار على طول خط المواجهة الحالي أثناء المفاوضات، وتأجيل عضوية كييف في الناتو.
الإخوة الأعداء
وبشأن ما يمكن أن يقدمه بايدن لأوكرانيا قبل مغادرة البيت الأبيض، يرى المحلل المتخصص في شؤون أوكرانيا ماتيا نيليس، في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنه "من الناحية النظرية يمكنه أن يكرس المزيد من الوقت والموارد لدعم أوكرانيا حتى نهاية رئاسته (في يناير من العام المقبل)".
وأوضح أنه من غير المرجح أن تدخل روسيا في أي مفاوضات ذات مغزى إلا بعد الانتخابات، معتبرا أن "بايدن كان آخر رئيس ملتزم تماما في حلف شمال الأطلسي بدعم كييف"، وهو ما يمكن أن تستكمله هاريس حال فوزها بالانتخابات، إذ يمكنها "أن تدفع أوروبا لدعم أوكرانيا بقوة من جديد".
على الجانب الآخر، أشار نيليس إلى أن انتصار ترامب قد تكون له عواقب وخيمة على أوكرانيا، إذا كان مستعدا بالفعل لإجبار كييف على تجميد الحرب بأي ثمن.
وقال: "بالنظر إلى أهمية المساعدة العسكرية الأميركية، فإن استخدامها كورقة مساومة ستكون له عواقب فادحة على الجيش الأوكراني، وقدرة كييف على الاستمرار في الدفاع عن نفسها".