• الساعة الآن 08:12 PM
  • 15℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

الجيش السوداني يفشل هجوما للسيطرة على قاعدته في بابنوسة

news-details

بعدما أصبحت أحد المحاور الساخنة في العمليات المشتعلة في إقليم كردفان نظراً إلى موقعها الاستراتيجي والحيوي على خطوط الإمداد العسكرية، صد الجيش السوداني أمس الثلاثاء، لليوم الثالث، هجوماً عنيفاً شنته قوات "الدعم السريع" على مقر الفرقة 22 مشاة في مدينة بابنوسة بولاية غرب كردفان، آخر قاعدة عسكرية للجيش في هذه الولاية.

وبحسب بيان للجيش، فإن قواته كبدت القوات المهاجمة خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، واستولت على عدد من المركبات القتالية، ودمرت أخرى، فضلاً عن مقتل عدد من القادة الميدانيين لتلك القوات والمئات من المرتزقة.

إرباك الدفاعات

أشارت مصادر عسكرية إلى أن الهجوم وقع في الساعات الأولى من الصباح بقصف مدفعي مكثف وعنيف على محيط الفرقة استمر ست ساعات، وحاولت مجموعات من "الدعم السريع" التقدم عبر محورين بغرض إرباك دفاعات الفرقة، إلا أن القوات المرابطة رصدت تلك التحركات في وقت مبكر وتعاملت معها بنيران مكثفة ومباشرة، مما أدى إلى تفريق تلك القوات قبل اقترابها من محيط الفرقة.

وبينت المصادر أن الجيش استخدم وحدات استطلاع بري وجوي لرصد تحركات وخطط "الدعم السريع" في تلك المنطقة، بيد أن الطيران المسير التابع لسلاح الجو قام بمطاردة القوات الهاربة بعد فشل الهجوم، ما أدى إلى تدمير مركبات قتالية والاستيلاء على معدات عسكرية تركتها القوات التي انسحبت تحت الضغط الناري.

وأفادت المصادر ذاتها بأن قوات "الدعم السريع" استخدمت في هجومها على الفرقة 22 مشاة المركبات العسكرية المصفحة التي تحمل الجنود وتضع المدافع الرشاشة على الأسطح في وقت حشدت فيه تلك القوات المهاجمة أرتالاً عسكرية جديدة في مناطق أم دقيق، والخويرات، والعويضة غرب المدينة.

واعتبر مراقبون عسكريون الهجوم المتواصل من قبل "الدعم السريع" على القاعدة العسكرية في بابنوسة محاولة لاختراق خطوط الجيش التي تشهد تعزيزات وحشوداً عسكرية (عتاداً وقوات) مستمرة خلال الأسابيع الماضية، فضلاً عن أنه يعكس تغيراً في تكتيكات تلك القوات (الدعم السريع) التي تحاول اختبار الدفاعات العسكرية للجيش الذي يسعى من جانبه إلى فرض طوق أمني واسع لمنع تسلل أي مجموعات مسلحة نحو عمق مدينة بابنوسة.

تعزيزات ضخمة

يأتي الهجوم على بابنوسة بعد أقل من 24 ساعة على إعلان قائد قوات "الدعم السريع" الموافقة على هدنة إنسانية ووقف قتال من طرف واحد لمدة ثلاثة أشهر استجابة لمبادرة اللجنة الرباعية.

وأخلى معظم سكان بابنوسة منازلهم لأسباب وقائية ونزحوا إلى المناطق الآمنة وسط ظروف إنسانية وصحية بالغة التعقيد بعد استمرار المواجهات العسكرية الدامية داخل وخارج المدينة.

وتعاني بابنوسة منذ أشهر حصاراً خانقاً فرضته "الدعم السريع" التي تقاتل الجيش منذ عام 2023، مما تسبب في أزمة غذاء ودواء حادة.

واستأنفت "الدعم السريع" مع مطلع هذا الشهر هجماتها على بابنوسة بعد تعزيزات عسكرية ضخمة وصلت إليها من دارفور، إثر فشل وساطة قادها زعماء أهليون نصت ضمن بنود أخرى على انسحاب الجيش من المدينة وبلدة هجليج، على أن يتم تأمين خروج القوات إلى شمال كردفان أو جنوب السودان، وهي شروط رفضها الجيش، مؤكداً عزمه على القتال حتى النهاية.

وتكتسب مدينة بابنوسة أهمية استراتيجية كبيرة، إذ تقع على خط السكة الحديد الذي يربط بين كوستي في ولاية النيل الأبيض ونيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور وصولاً إلى مدينة واو في جنوب السودان.

وتسيطر "الدعم السريع" على معظم مناطق غرب كردفان بما في ذلك عاصمة الولاية الفولة ومدن المجلد والميرم ولقاوة والخوي والنهود وود بندة، بينما يسيطر الجيش على بابنوسة وبعض حقول النفط في هجليج المتاخمة لجنوب السودان.

هجوم على منجم

في المحور نفسه أفادت شبكة أطباء السودان أن قوات تابعة للحركة الشعبية – شمال بقيادة عبد العزيز الحلو وعناصر من قوات "الدعم السريع" شنت هجوماً على منجم الظلاطاية بوحدة تبسة الإدارية التابعة لمحلية العباسية في ولاية جنوب كردفان.

واعتبرت الشبكة في بيان أن الهجوم بمثابة انتهاك مباشر للقانون الدولي الإنساني، وأنه يرقى إلى مستوى جرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة، فضلاً عن أنه يمثل أول خرق فاضح للهدنة الإنسانية المعلنة من طرف واحد، لافتة إلى أن القوات المهاجمة اختطفت أكثر من 150 شاباً إلى جانب عدد من الأطفال القُصّر بغرض التجنيد القسري.

وحمل البيان القوات المنفذة للهجوم المسؤولية الكاملة، معتبراً استهداف المدنيين، بخاصة الأطفال، عملاً غير إنساني ومخالفة صريحة لكل المواثيق الدولية، وجريمة لا تسقط بالتقادم.

وطالب البيان بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطفين ووقف التجنيد القسري، إضافة إلى السماح للمنظمات الإنسانية بالدخول لتقديم الرعاية الطبية والإغاثية للسكان المتضررين، فيما حث الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والجهات الإقليمية على التدخل العاجل لوقف هذه الانتهاكات، مشيراً إلى أن الحادثة ليست الأولى، إذ سبقتها عملية تجنيد قسري ونهب في سوق مدينة تبسة.

 

مناورة سياسية

رداً على ما أعلنه قائد قوات "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو في شأن موافقته على هدنة إنسانية تتضمن وقف العمليات العدائية لمدة ثلاثة أشهر، قال وزير الثقافة والإعلام والسياحة خالد الإعيسر إن أي حديث عن هدنة إنسانية لا يتجاوز كونه مناورة سياسية مكشوفة تتناقض بصورة صارخة مع الواقع المرير الذي ارتكبته تلك القوات المتمردة على الأرض. وتابع في تصريح صحافي "هذه الميليشيات التي تجردت من كل قيمة إنسانية، حاصرت المدنيين العزل، وجوعتهم، وقصفتهم بالطائرات المسيرة في مدن عدة، وعلقت بعضهم على الأشجار، ودفنت آخرين أحياءً. وآخر تلك الجرائم المروعة ارتُكب في مدينتي الفاشر وبارا، لذا لا يمكن أخذ حديث قائدها عن هدنة لاعتبارات إنسانية على محمل الجد أو الصدق".

ونوه الإعيسر إلى أن تصريحات "حميدتي" ليست سوى محاولة جديدة لخداع المجتمع الدولي وتلميع صورة شوهتها الحقائق الدامغة بجرائم قواته وانتهاكاتها المستمرة. وبين أنه يجب على العالم ألا يسمح بأن يُستدرج إلى هذا الخطاب المضلل، فقد أثبتت التجارب السابقة، وفي مقدمها هُدَن اتفاق جدة، أن الجيش التزم بما وقع عليه، بينما استغلت الميليشيات تلك الهدن لتمرير إمدادات مرتزقتها من السلاح والعتاد وتحقيق مكاسب عسكرية على حساب المدنيين.

إحلال السلام 

في الأثناء شدد وكيل وزارة الخارجية السودانية معاوية عثمان خالد في تصريحات صحافية على رغبة حكومة بلاده الصادقة وعزمها الأكيد على إحلال سلام عادل وشامل في البلاد يصون سيادتها ووحدتها وسلامة أراضيها ويحقق تطلعات الشعب السوداني في العزة والكرامة ورد الحقوق.

وجدد خالد ترحيب السودان بمساعي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الرامية لإحلال السلام العادل في البلاد، مشيداً بالطرح الذي قدمه خلال لقائه الرئيس الأميركي دونالد ترمب، والذي يعكس التزام السعودية دعم الشعب السوداني وتعزيز الجهود الإقليمية والدولية الساعية لإنهاء الحرب وتحقيق السلام.

بدوره قدم مجلس الأمن والدفاع السوداني أمس الثلاثاء الشكر للأمير محمد بن سلمان والرئيس ترمب على اهتمامهما بالشأن السوداني ورغبتهما في تحقيق سلام يحفظ وحدة السودان وسلامة أراضيه.

وقال المجلس في بيان الثلاثاء عقب اجتماع برئاسة رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبدالفتاح البرهان إنه كلف جهات الاختصاص الرد على الورقة المقدمة من مستشار ترمب للشؤون العربية والأفريقية مسعد بولس في شأن وقف الحرب في البلاد، وأكد تمسكه بالرؤية المقدمة في أوقات سابقة من الحكومة السودانية للأمم المتحدة والجهات ذات العلاقة.

شروط مسبقة

إلى ذلك أوضح بولس أن الجيش وقوات "الدعم السريع" رفضا الخطة التي تقدمت بها واشنطن لحل الصراع في السودان، وبين خلال مؤتمر صحافي أن الولايات المتحدة قدمت لطرفي الحرب خطة سلام محكمة، لكنها لم تلقَ قبول أي من الطرفين. وأشار إلى أنه لا اعتراض على مضمون الخطة، لكن الجيش عاد بشروط مسبقة وصفها بأنها مستحيلة التنفيذ، مؤكداً أن الرئيس دونالد ترمب يعتبر إنهاء الحرب في السودان أولوية. وأكد أن الإدارة الأميركية تندد بالفظائع التي ارتكبتها قوات "الدعم السريع" والجيش، وتدعو إلى محاسبة المتورطين.

شارك الخبر: