خاص | النقار
لم يعد أحد يتوقع المدى الأقصى الذي يمكن أن تصل إليه سلطة صنعاء في غيها وتعاملها مع قضايا الداخل. ففي الوقت الذي كان أكثر المتشائمين والساخطين على أدائها يتوقعون أن قضية المبيدات، وقد تحولت إلى قضية رأي عام، سوف تجعل تلك السلطة تخفف ولو قليلا من غلوائها، فتتخفف بذلك حالة الاحتقان المحتدمة في قلوب الناس، يجدونها قد أمعنت في المزيد والمزيد من حالة الجنون غير المنطقية ولا المعقولة، بحيث راحت تدافع عن المبيدات، هكذا وبكل صفاقة ووقاحة، كما لو أنها فعلا سلطة بلا عقل. عندها لم يجد المتشائمون والساخطون إلا أن يبحثوا لتوقعاتهم الخائبة عن عزاء مفاده: وما الذي يمكن أن نتوقعه من سلطة على رأسها المشاط؟!
في الجانب المظلم وعلى بعد هامش من قصر المشاط حيث المقيل اليومي له مع تاجر المبيدات الصعداوي المؤمن دغسان أحمد دغسان، يتساءل خالد العراسي عن نوعية القات الذي يجلبه دغسان للمشاط كل يوم وما إذا كان يشترط عليه أن يكون خاليا من مبيداته، فيأتي صوت سجان بلا ملامح ليسكته. ربما هو وجه المشاط نفسه وقد تكور في الليل إلى ما يشبه وجه ضفدع وراح يفسخ أثر القات الدغساني في زنزانة العراسي، كما لو كانت فنجان شاي بالحليب، عازما على إقناع صاحبها بأن تلك التي قال إنها مبيدات شيطانية قد لا تكون في النهاية سوى مبيدات رحمانية.
خالد العراسي يقضي ما يقرب من الشهر في ضيافة أجهزة المشاط الدغسانية، فالقات الذي يصل إلى المشاط سينالها نصيب منه، ولعله الآن قد اقتنع بخطأ وثائقه وموقفه من المبيدات. أما محمد المليكي خبير الجودة فيبدو أن استضافة علي حسين الحوثي له لم تنته بعد من كرمها، خصوصا وأن الجهاز الأمني المبتدع لنجل مؤسس الجماعة مازال طريا غضا ويحتاج إلى الترويج له بنوعية معتقلين فائقة الجودة، وبالتالي هو اعتقال تحت التجريب حتى تثبت كفاءة الجهاز الجديد.
أما بالنسبة للقاضي قطران فإن سلطة صنعاء اتجهت مؤخرا إلى استصلاح أرضه في همدان، حتى إنه قد يتفاجأ عند خروجه من المعتقل بأن أرضه تلك قد تحولت إلى مصنع لدغسان أو مخزن لبضائعه. ومن يدري، ربما أن سلطة صنعاء تهيئ له مثل تلك المفاجأة.