• الساعة الآن 07:39 PM
  • 23℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

بين التجربة الإيرانية ودهشة أنصار الله

news-details

لا نعلم ما الفائدة من إيمان سلطة جماعة "أنصار الله" بالمشروع الإيراني؟ نرى أتباع الجماعة يطبلون مفتونين بالتجربة الإيرانية والنظام الإيراني ويعتبرونه شكلا للدولة الفاضلة التي تحقق الحياة الكريمة، وما دونه أنظمة ضعيفة وصهيونية وخارجة عن الملة.

ما النموذج الملفت في دولة الملالي؟ حرس ثوري يتبع الخامنئي مباشرة منفصلا عن الجيش الإيراني، فما المدهش في تشطير المؤسسة العسكرية والدفاعية وتسخير الحرس الثوري لحماية نظام ولاية الفقيه الإيراني وقمع كل صوت معارض؟

عملة منهارة لا يقوى الإيرانيون على التعامل بها، وأسعار صاروخية لكل السلع، وموظفون وعمال يعانون من توقف المرتبات والأجور وتدني مستواها، فهل أراد "أنصار الله" لنا كل ذلك باسم الصمود والإيمان؟

اقتصاد إيران بسيط التنوع للغاية، يعتمد أساسا على عائدات النفط أولا عن آخر، وبالتالي يتعرض الاقتصاد لأتفه التقلبات بسبب تحرك الأسعار العالمية والتوترات الجيوسياسية والعقوبات الأمريكية التي ضيقت حياة الإيرانيين، بينما تهمش الثروة البشرية في إيران ولا يتم استغلالها على نحو جيد لتغذية عملية البناء والتحديث.

البنك الدولي يعتبر أن إيران ليست إلا دولة نامية تصدّر النفط. ماذا لو تخيلنا الثروة النفطية والغازية في اليمن تحت سيطرة جماعة "أنصار الله"، كيف سيكون مستوىاللصوصية الحاصلة بالفعل بدون نفط خام وغاز؟ تعتقدالجماعة أن ما ينقصها لإتمام النموذج الإيراني في اليمن هو أن يكون النفط والغاز تحت سيطرتها، لتصبح الجماعة تابعا نموذجيا مؤهلا لهذه التبعية للشكل الإيراني.

يتوقع البنك الدولي هبوط نمو الناتج المحلي الإجمالي في إيران من 4.7% في 2023 إلى 3.2% هذا العام وإلى 2.7% في العام المقبل. هذه أرقام انهيار اقتصادي متكامل الأركان وباستمرار، فما المغري في السيناريوهات الإيرانية؟ النظام الإيراني نفسه يحاول أن يتعلم من أخطائه التي لا نهاية لها، والجماعة لدينا يريدون اختطاف البلاد إلى نقاط الصفر تلك التي بدأت منها جمهورية إيران الإسلامية.

تعتبر "أنصار الله" إيران ندا لأمريكا، بينما إيران نفسها لا تعتبر نفسها كذلك، فالذي يفرض العقوبات أمريكا والذي يتعرض للعقوبات إيران، فهل سمع أحدكم عن عقوبات إيرانية مثلا تجعل من إيران ندا لأمريكا وتؤثر عليها؟ ولا داعي بالطبع للتذكير بأن إيران تستأذن واشنطن قبل أن تقصف أي قاعدة أمريكية بحسب تصريح "ترامب" الذي لم ينفه الإيرانيون. نظام سياسات التوائية يؤكد أن لا قيمة للنظرية الفقاعية للخميني القائل: لو رضيت عني أمريكا لشككت في ديني.

نظام يسجن الإيرانيين والأقليات الإيرانية ويتجاهل واقعهم ويكمم أفواههم في ظل أزمات الفقر والجوع والمرض،خوفا من أي احتجاج ضده وضد قوته المفرطة، ويمارس تمييزا عنصريا بحسب العرق بين المكونات المجتمعية، ويقمع الطوائف الدينية المختلفة غير التابعة لفكرة النظام، ويحرمها من حرية التعبد، ويخشى بشدة منصات التواصل الاجتماعي. ومن هذه النواحي أثبت "أنصار الله" أنهم تلامذة مخلصون للمعلم الإيراني، رغم أن "أنصار الله" ليسوا أكثر من "حفاة أقزام" كما يقول عدد من المسؤولين الإيرانيين في تصريحات متلفزة.

ولماذا نكون مثلهم؟ هل هم مثلا أكثر إيمانا من اليمنيين؟ هل هم أكمل إسلاما؟ معظم سكان إيران لا يصومون نهار رمضان حتى، الدولة الوحيدة التي تسمي نفسها "الجمهورية الإسلامية" لا يصوم سكانها في رمضان ويأكلون ويشربون جهارا نهارا في الشوارع كأنه شهر لا يزيد أهمية عن شهر يوليو الميلادي!

ورغم كل مساوئ النظام الإيراني، إلا أن جماعة "أنصار الله" لا يمكنها حتى بناء نظام متخلف كهذا النظام، لأنالجماعة لم تُخلق لتكون دولة، ولأن إيران أصلا لن تسمح لصبيانها بتخطي حدود معينة والتحول إلى منافسين لها بأي صورة، إذ يجب أن يكون الصبيان ضمن حدود التبعية نظرية وتطبيقا، بمعنى أن "أنصار الله" ليس بوسعهم حتى أن يشطحوا للارتقاء لمصاف إيران، ويكفيهم التحديق بها كأنها أسطورة أو حلم بعيد المنال.

 

شارك الخبر: