أحمد عبدالله الصعدي
تنتصب هذه الشجرة في مكان يتوسط كليتي الآداب والعلوم اللتين يحيطهما سور واحد. كانت خضراء وكان لها فرعان وتتوسط مساحة صغيرة معشوشبة ، وبقي هذا حالها إلى أن تم تقاسم السلطةعلى مستوى البلد وعلى مستوى الجامعة بعد عام 2011 ، ولكن في الواقع بسط إخواننا في الله بواسطة اتحاد الطلاب ما يشبه سلطة أمر واقع في الجامعة ، والاتحاد بدوره تناسى المطالب النضالية السابقة التي كان يرفعها باعتبارها مطالب جميع التنظيمات الطلابية المنتمية إلى أحزاب المعارضة، المتمثلة بالقضاء على الفساد المالي والغاء النظام الموازي والنفقة الخاصة والتعليم عن بعد، وإتاحة فرص تعليم متساوية أمام الجميع ، وتفرغ للموضوع المحبب لجماعات الاسلام السياسي وبالخصوص مراقبة الطالبات واحصاء أنفاسهن.
حملت تلك الفترة عنوان الحرب على الحجاب (أبو نفخة) الذي عُد خطرا كبيرا يهدد الدين والمجتمع ومصير الأمة - هذا الخطر يمثله عند الجماعة الحالية البالطو أبو خيط - ، ودفع الحرص على نقاء وطهارة الكلية والجامعة إلى اكتشاف خطير هو أن فرعي هذه الشجرة الإثنين يشبهان فخذي إمرأة مركوزة مما يثير الغرائز الشهوانية لدى من ينظر إليها ، لذلك شنوا في ظلام الليل غزوة الشجرة فقطعوا فرعا وأبقوا فرعا ليضمنوا بذلك عفتها ومطابقتها لأحكام الشرع !
كنت صباح اليوم، قبل حلول وقت دخولي قاعة الدرس في الساعة الثامنة ، أقف في الممر الفاصل بين القاعة والشجرة ، فمرت إحدى الزميلات ، وبعد السلام والسؤال عن الحال أشرتُ إلى الشجرة وقلت لها مازحا : تلك آثاركم تدل عليكم ، فردت : الحمد لله إذ أتى من محا آثارنا التي كنا نخجل بسببها، وجعل الجميع يقول رحم الله النباش الأول . قلت لها إن الفرق بين النباشين ليس مرده إلى أن النباش الأول كان أعقل، بل إلى حدود السلطة التي كانت له، فهو لم يكن يحكم منفردا، وكانت تعارضه تنظيمات طلابية، أما النباش الحالي فيحكم منفردا ، بلا أي شريك، ويفعل كل ما يريد فعله، فلا معارضه تشاكسه ولا عقل يضبطه.
في المقارنة بين الأحزاب في بلادنا يمكن القول أن كل حزب يرغب في احتكار السلطة والثروة والوظيفة العامة، أما أحزاب أو جماعات الاسلام السياسي فتضيف إلى ما سبق احتكار الدين والأخلاق والضمير .
ما أتعس المؤسسة الأكاديمية التي يفاضل منتسبوها بين النباشين!