"من هذا الذي يعشق التاريخ ويخشى السجن يا رفيقي وصاحبي وحميمي؟! ستؤرخ من كل بد. لهم الملك ولنا التاريخ". بهكذا كلمات يواسي النائب في برلمان صنعاء أحمد سيف حاشد رفيقه المعتقل القاضي عبد الوهاب قطران، في رسالة يريد منها أن تصل إلى زنزانته. لكن الزنازن صماء وليست أكثر من كتل أسمنتية صنعها سجانون لمن كانوا مضطهدين يوما ما فجاؤوا ليأخذوا دور الجلاد في دورة حياة أوصلتهم إلى الحكم.
يعتقلون عياله في المدرعة. ينقلونه إلى سيارة صالون خارج البيت لمدة ساعتين. يحشرون زوجته والبقية في غرفة واحدة
ويفعلون ما بدا لهم في البيت.
ثم يعيدونه من السيارة المحتجز فيها إلى بيته. يرفض التوقيع على ما حرروه من محاضر وأوراق.
وزوجته توقع ولا تعلم ما تم تحريره. ثم يصطحبونه إلى السجن. وعندما يسأل بعضهم عنه يقولون له معنا محاضر ومقاطع".
هذا مشهد ما حدث في صباح اعتقال قطران من منزله في الثاني من يناير في العاصمة صنعاء. كانت التهمة حاضرة ولا يهم سلطة صنعاء تفاصيل تركيبها وتفصيلها على الرجل ولا كونها غير لائقة بها كسلطة تدعي النزاهة والشرف في الخصومة. فمع الخصم يحق لها أن تكذب وأن تزور وأن تلفق وأن تفعل كل شيء.
سياسيون وناشطون يتقدمهم حاشد كالعادة حاولوا التواصل مع سلطة صنعاء للإفراج عن قطران بلسان حال مفاده (واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس)، لكن كيف لمنطق كهذا أن يكبح غرور سلطة.
يصف المحامي نزار الآنسي بعضا مما جرى من تواصل لهم مع سلطة صنعاء بالقول: "بعد أن بدأت الناس بالاحتشاد يوم السبت الماضي من أجل قضية اعتقال القاضي عبدالوهاب قطران، لإيصال مظلوميته الى السيد عبد الملك الحوثي وعقلاء البلاد ، استاء من ذلك بعض القيادات، فعمدوا إلى إخماد الرأي العام وتمييع القضية، فتم استخدام أحمد نجل القاضي عبدالوهاب قطران لينقل لنا على لسان أبيه -بعد أن طلبوا منه الحضور شخصيا لزيارة أبيه- بأن نسكت ونتوقف كون قضيته أصبحت بمتناول السيد القائد وسيتولاها بنفسه..."، مشيرا إلى أن أشخاصا جاؤوا إليه وإلى حاشد وغيرهما من المعترضين على سجن قطران، وأن هؤلاء الأشخاص "جميعهم طلبوا منا ان نسكت وأن نتوقف عن نشر قضية اعتقال القاضي عبدالوهاب قطران في وسائل التواصل الاجتماعي لمدة ثلاثة أيام فقط ووعدونا بأنه سيفرج عن القاضي قطران خلال الثلاثة الايام التي مضت. واتضح أن الأمر كله كان مخططا له لتمييع القضية، والله المستعان على ما تصفون".
بناء على ذلك، تقرر لدى بعض قبائل همدان أن تدعو إلى اجتماع قبلي عفوي تلقائي بشأن قضية القاضي عبدالوهاب قطران، باعتباره أحد أبنائها.
وبحسب محمد عبد الوهاب، نجل قطران، تم الاتفاق على تأجيل الوقفة القبلية إلى اليوم التالي لمناقشة القضية والاتفاق على ما سيرسو عليه الأمر، وذلك للتواصل والتنسيق مع جميع مشائخ همدان وقبائلها في حشد غفير كانت ستحضره القبيلة عن بكرة أبيها. ثم إذا بحملة أمنية تأتي على إثر الاجتماع القبلي للحيلولة دون انعقاده في اليوم الثاني، حيث كان مقررا أن تتم الدعوة فيه لجميع قبائل همدان.
يواصل نجل القاضي قطران: لقد جن جنونهم وأرسلوا عقب الاجتماع حملة عسكرية لاعتقالنا وإسكاتنا وترهيبنا لإبطال الموقف القبلي وتوقيف التصعيد.
يختم قطران الابن بالقول: حاولوا النيل من كرامتنا، فبلغت كرامتنا علياءها وحلقت. حاولوا إرهابنا فأخرجوا المارد الكامن في أعماقنا. حاولو إذلالنا فزادونا عنادا وتمردا. حاولوا تشويه سمعتنا فنالت منهم كل منال.
أما الناشط عبدالوهاب الشرفي فيكتب: "زرت منزل القاضي عبدالوهاب قطران وخرجت متألما فلم أجد تلك الروح من الاستقرار والأمان والبهجة التي كنت أجدها في زياراتي له ورب الأسرة موجود، حالة من القلق والانكسار والشعور بالظلم والقهر يعيشها أولاد القاضي نتيجة الموقف الصادم الذي تعرضوا له جميعا وليس والدهم وحسب، وغيابه حتى اليوم يضاعف هذه الحالة النفسية السيئة لدى أسرته".
يصر النائب حاشد على إتمام رسالته إلى رفيقه قطران بالقول إنهم (السلطة اليوم) محكومون بخوفهم وفزعهم ورعبهم مهما تظاهروا بالقوة والعنفوان، مضيفا: رحم الله عظيم اليمن الكبير عبدالله البردوني وهو يقول:
لهم حديد ونار
وهم من القش أضعف.