ماجد زايد
أسر كاملة مع أبناءها وأطفالها، بمعظم جولات وشوارع صنعاء، يفترشون الأرصفة بمنتصف الطرق الأسفلتية، يضعون على الأرض كراتين عادية، ويربطون شوايل ممزقة من شجرة الى شجرة، ومن عمود إلى عمود، في كلا الجانبين، يصنعون لأنفسهم بيوتًا عابرة في ليالي الشتاء والبرد الشديد..
بشر تكسوهم ملامح البؤس واليأس والحرمان، كأنهم مغادرون وعابرون وغير أبهون بفكرة الحياة والدفء في وطنهم، لم يعد لديهم أمنيات البقاء والتحسن والإزدهار، بشر لا يملكون من ماديات الحياة شيء، وملامح الإنكسار تكسوهم وتغشى تفاصيلهم.
كنت قبل قليل أسير بجوارهم، وأشاهدهم، وأفكر في أحوالهم وأجسادهم المنهكة من برد الأرصفة الباردة، وأتسائل في داخلي عن هؤلاء البشر الذين أنهكتهم الأيام ودمرت عائلاتهم المهانة والهوان، في وطن لا يهتم بفقراء الشوارع والأرصفة الباردة.
الشتاء على أشده في صنعاء، وبقية محافظات الشمال اليمني بشكل عام، وكثير من الناس يسكنون الشوارع مع أطفالهم، بلا إمكانيات ومساعدات وبيوت تنقذهم من ساعات البرد القاسي والشديد، هؤلاء الناس جعلوا الشوائل جدران بيوتهم، والكراتين أفرشتهم، وقناعة الحياة في نفوسهم لا تتجاوز البرد والمعاناة،
يظنون الحياة مجرد برد ومعاناة، أنا لا أعرف كيف يستطيع هؤلاء الناس مجابهة البرد القاسي؟!
تساءلت في نفسي، بينما أهرب سريعًا من خيالهم من حولي، كيف يعيشون في شوارع لا تقيهم شيئًا من مشقات التشرد؟! ربما هم مهمشون بالمصطلح الشعبي، لكنهم بشر، وأجسامهم مثلنا، خصوصًا الأطفال الصغار، مشردون زادوا كثيرًا، وتزايدت أعدادهم وأماكنهم، ليرسمون في شوارعنا مشاهد مخيفة، وبردها النفسي أكثر ضراوة من برد الأرصفة.
يجب مساعدة هؤلاء الناس، كلًا بطريقته واستطاعته، تذكروهم بينما تعيشون في بيوتكم وحياتكم الدافئة، تذكروهم والتفتوا لهم.. ستجدونهم فوق الجسور، وتحت الكوبريهات، وبين أشجار الرصيف، وأمام المحلات، وفي الأماكن الجانبية والضيقة.