فتحي بن لزرق
نريد الحصول على كل حقوقنا، نريدها هنا، ونريدها في التوّ واللحظة“. مارتن لوثر كنج
يراودني سؤال منذ أكثر من أسبوع وأنا أشاهد (عدن) تغرق في بحور تحكيم قبلية وما أن تخرج من أحدها حتى تغرق في آخر .
طوابير المشائخ والأعيان وهم يتلون الأحكام، النظام والقانون وهما يتسكعان بالشارع المجاور ويدخن أحدهما كمشرد بشراهة شديدة..!
ماذا عن الناس الآخرين ؟
ماذا عن الناس التي لا تملك قبيلة ؟ ولا مجاميع مسلحة؟
الناس التي كبير سلاحها سكين لا يقطع بصلة..! أو سن قلم لا يقطر الا علماً..
ماذا عن الناس التي قبيلتها الدولة وسندها قسم الشرطة ومرجعها ظل وظلال النظام والقانون ..؟
إلى أين تذهب هذه الجموع وإلى من تلجأ وبمن تستجير؟!
الناس التي لا تملك إلا ذكريات قديمة هي عبارة شهيرة :" يلا نروح الشرطة ..
الأماني التي باتت من الماضي ..
الماضي الذي لا يعود أبداً..
حلم الناس بالدولة والنظام والقانون والعدالة وأقسام الشرطة وأشياء كثيرة وكثيرة جدا.
الأحلام المنسكبة كحبات رمل صغيرة ، المتسللة بين الأصابع التي خطت الأحلام التي ذابت دون أن تخبرنا كقطع شمع بالية..
(يا فؤادي لا تسل أين الهوى
كان صرحاً من خيالٍ فهوى
إسقني واشرب على أطـلاله
واروِى عني طالما الدمع روى
كيف ذاك الحب أمسى خبراً
وحديثا من أحاديث الجـوى)
سألت نفسي كيف سنقنع أستاذ الجامعة الذي قدم جده الثامن إلى هذه المدينة أنه حينما يٌصفع في شارع عام أن عليه أن يهرع الى كتب التاريخ ليبحث من أين جاء جده؟
ماذا لو عاد أحمد بن أحمد قاسم والزيدي ومحمد مرشد ناجي ؟..ّ
ناجي الذي غنى ذات يوماً..
(قطر العروق شايسقي الورد يانشوان
حسّك تصدق عجائب طاهش الحوبان
ولاتـصـدق عصـابـة عـمـنـا رشـــوان
ولا تصدق حكاية بنت شيخ الجان
أصحابها ضيعوها كسروا الميزان
باعوا الأصابع وخلوا الجسم للديدان
وقطعوها على ما يشتهي الوزّان
ماذا سنقول للطفي جعفر أمان ؟!
لا تَسَلني عن الهوى
عن رُؤى الأمس بالصِّبا
صَدَح الفجرُ وانطوى
لحنُه والسَّنا خبا
فأنا اليومَ حيرةٌ
تَنشُد الأمسَ في غَدي!
في غَدي؟! أيُّ مَطلبِ
أنشدُ الوهمَ بالمحالْ
كيف أصبو له وبي
صَدمةُ الواقع العُضال
حيث لا حِسَّ لا صدى
غير أمسي بلا غد!)
سالمين وعلي عنتر وفتاح ..
ماذا لو بعثت الحياة لروح الزعيم صالح ومر بشوارع المدينة ..
هذه ليست عدن التي تركناها ولن تكون ..
كيف نستطيع إقناع الناس أن أكوام الشرط هذه والمؤسسات الأمنية غير قادرة على حمايتهم وانتزاع حقوقهم وأن القبيلة وحدها من تستطيع فعل ذلك.
ولكن الناس في عدن بلا قبيلة ..
هكذا خلقها الله وهكذا أرادت لها الأقدار أن تحيا ..
فإلى أين تمضي وبأستار من تتمسك؟!
توقفوا عن إرساء مداميك القبيلة في عدن لأن ثمة واقع مختل سيتكوّن وستكون الناس على ضفتيه سادة عبيد ومستعبدون وظالمون ومظلومون وحقوق تنتزع وأخرى تُهدر ...
وتمسكوا بالدولة ، الدولة والقانون والنظام ..
الشجرة التي يستظل الناس أجمعين تحت ظلالها..
اني لكم من الناصحين ..!
إرحنا بها ياكيم جون اون ..