عيّن وزير الداخلية بصنعاء مديري أمن لأغلب المديريات الواقعة ضمن جغرافية السيطرة.
وشملت القرارات التي حصلت عليها النقار، 10 محافظات، هي: أمانة العاصمة، وحجة، وصنعاء، وتعز، وصعدة، وإب، وذمار، والحديدة، وعمران، والمحويت، في حين لم نحصل على قرارات لمحافظة ريمة، والمديريات الواقعة في نطاق جغرافية السيطرة بمحافظات الضالع، والجوف، ومأرب.
وبموجب القرارات التي صدرت في 18 نوفمبر 2024، تم تعيين 52 مدير أمن مديرية، فيما 132 آخرين تم تكليفهم، ليصل إجمالي المعيّنين والمكلّفين إلى 184، ما يعني أن نسبة المعيّنين 28٪، فيما نسبة المكلّفين 72٪.
وهناك فرق بين التعيين والتكليف، فالتعيين هو تثبيت في الوظيفة، فيما التكليف يكون مؤقتاً، وعليه فإن أكثر من ثلثي مديري أمن المديريات ما يزالون غير مثبتين في الوظائف المعيّنين فيها.
يقول فهد عباس الخليدي: التكليف يأتي من مديري أمن المحافظات، أما الوزير فيصدر قرار تكليف عندما يقتضي الأمر تكليف مدير أمن محافظة.
ويبدو أن المعيّنين تم ترشيحهم من قبل مديري أمن المحافظات، فيما المكلّفين ما يزالون تحت التجربة، وتم فرضهم من الوزير، متجاوزاً مديري أمن المحافظات والمحافظين.
ويقول محمد صالح البخيتي معلقاً على ذلك: إن هيكل الدولة في اليمن صار مزدوجاً، فلا هو حكم محلي ولا مركزي.
والمعروف أن مديري الأمن سواء للمديريات أو المحافظات يتم تعيينهم من المؤسسة الأمنية، وهو أمر بديهي، غير أن ما حصل في التعيينات والتكليفات التي أصدرها وزير داخلية الحوثيين، عبد الكريم بدر الدين الحوثي، وهو عم زعيم الجماعة، هو تعيين مديري أمن مديريات لا يحملون رتباً أمنية، تم الإشارة لهم باسم “الأخ” بدلاً من الرتبة، ما يعد مؤشراً على توجه الجماعة للسيطرة الأمنية على الوحدات الإدارية الصغيرة عبر عناصرها الموثوق بهم.
وبموجب القرارات تم تعيين وتكليف 101 مدير أمن مديرية يحملون رتباً أمنية من العقيد إلى الملازم أول، فيما كُلّف 83 مدير أمن مديرية بدون رتب، من إجمالي المعيّنين والمكلّفين البالغ عددهم 184، ما يعني أن 55٪ من الذين صدرت بهم قرارات كمديري أمن مديريات يحملون رتباً، فيما 45٪ بدون رتب.
وأفاد النقار مصدر خاص أن المعيّنين بدون رتب هم من المشرفين خريجي الدورات الأمنية، والذين تعدهم الجماعة منذ عامين لفرض قبضتها الأمنية على المديريات، وتطبيق نموذجها الأمني الأيديولوجي على تفاصيل الحياة العامة للناس، وبعضهم كانوا مكلّفين كمديري أمن مديريات أو مشرفين أمنيين.
وأثارت القرارات التي تحمل مصطلح “الأخ” بدلاً من الرتبة حالة من الاستغراب. ووصف القاضي عرفات جعفر القرارات بأنها جاءت لتقضي على قانون هيئة الشرطة واللائحة التنظيمية لهيئة الشرطة، معتبراً أن ذلك يحصل في عهد سلطة “الإخوة”.
ويقول عباس الهردي إن “الأخ” صارت رتبة جديدة، تضاف إلى سجل الرتب الأمنية في اليمن. وتساءل ساخراً: “أيّش رتبتك يا فندم؟ قال: أخ ركن”. معتبراً أن القرارات القادمة بعد الأخ ستكون للبزي والنسب، لافتاً إلى أن الحوثيين دشنوا معايير جديدة لتولي الوظيفة العامة ليس لها مثيل.
وكُلّف أكثر “الإخوة” كمديري أمن مديريات في محافظة حجة بعدد “12” من إجمالي 29 معيّناً ومكلّفاً، بنسبة 41٪، تليها الحديدة بعدد “10” من إجمالي 29 معيّناً ومكلّفاً، وبنسبة 34٪.
وتأتي ثالثاً أربع محافظات بعدد “9” إخوة لكل محافظة، وهي عمران التي كُلّف وعيّن فيها 20 مدير أمن، والبيضاء “19” تعييناً وتكليفاً، ثم صنعاء وصعدة التي عُيّن وكُلّف في كل واحدة منها 16 مدير أمن مديرية.
ورابعاً تأتي إب بعدد “8” من إجمالي 20 تعييناً وتكليفاً لمديري أمن المديريات.
ومن ذلك يتضح أن الجماعة تسعى لفرض سيطرتها ورؤيتها الأمنية على هذه المحافظات، باعتبارها محافظات الثقل السكاني الأكبر في جغرافية السيطرة.
ويبدو أن تكليف الإخوة وليس تعيينهم يعد بمثابة عملية تطبيق لتنفيذ ما تلقوه من دورات أمنية، لإثبات الكفاءة، والتي بناءً عليها سيتم التعيين، ما يعني أن أخطاء وسلبيات ستحصل وسيدفع ثمنها المواطن، لكنها ستخصم من سمعة الجماعة في الأوساط الشعبية.
وتعد قرارات التعيين والتكليف في هذه المناصب الأمنية جزءاً من التغييرات الجذرية التي تسعى الجماعة من خلالها لفرض أيديولوجيتها على مؤسسات الدولة المدنية والمؤسسة الأمنية والعسكرية، وهو ما يبدو واضحاً مع كل قرار جديد تصدره سلطة الجماعة.