أحمد سيف حاشد
كنت أتخيّل مُنكر ونكير على نحو مرعب وبشع إلى حد بعيد.. يخلعان القلوب حتّى وإن كانت قطع من حديد.. جزع وهلع يتفجر ويزلزل الدواخل.. مخيالي ينبعج ويتمزّق بما أتخيّله من كاسر ومهول.. صدري يتكوّم داخلي، ثم يعج بالرعب المزلزل.. صور مُرعبة مُتخيّلة لا أراها إلا في بعض الكوابيس الثقيلة التي تصل بي إلى حواف الموت، وشهقة الفراق إلى الأبد.. ما أشبهما بعهد نعيشه اليوم، إن لم يكن عهد اليوم أثقل وأبشع وأرعب من منكر ونكير، ومعهما عزرائيل الذي يقبض الأرواح.
كنتُ أتخيّلهما بشعرِ أشعثٍ وغبرةٍ مُخيفة.. وجهان متجهمان ومتورمان بالغضب والغلاظة التي تكاد أن تنفجرُ شروراً وحرائقاً واسعة تأكل أخضراً ويابسا.. في وجوههما قسمات وأخاديد عميقة ومريعة تتحفّزُ للوثوب علينا.. تستعجلان موتنا شهيّة في العذاب الذي لن يستطيعا أن يعيشا بدونه.
حواجب غلاظ كالمكانس، وشوارب مشعثه كالعفاريت.. آذان شعرها نابت فيها كالحطب، وشحماتها متدلية كالمشانق.. لحيتان كثتان كغابة أدركها اليباس.. هول وضخامة في الجسد.. شحم ولحم مكنوز في العوارض والمناكب والأرداف.. لا إحساس لهما ولا مشاعر ولا وجدان.. لا رحمة لديهما ولا رأفة ولا قلب.. بالغين في القساوة وساديين في العذاب.. يستمتعان بالألم وسماع الأنين والولولة.. يسألان الأموات في قبورهم، ويجلدانهم بسياط من نار حامية، حمراء تلتهب.