"ليس لدينا مشكلة مع الجمهورية"، هكذا يقول زعيم أنصار الله عبد الملك الحوثي. وكأنه بذلك يريد أن يبعث رسالة طمأنة إلى من يعتبرهم متخوفين من تلك المسألة.
لكن العبارة مشكلة بحد ذاتها، فمعناها أنه لا يعترف بالجمهورية، ولا يرى أن حكم جماعته وسلطتها قائمان عليها. فلم يقل نحن مع الجمهورية أو نحن جمهوريون أو نعترف بالنظام الجمهوري، بل ليس لدينا مشكلة معها.
كأنه يريد أن يقول إنهم فقط جاؤوا على نظام جمهوري سابق لا مشكلة لديهم من التعامل معه. ولو أنهم جاؤوا على نظام ملكي لكان الحال نفسه بالنسبة لهم.
"فنحن نريدها جمهورية تجسد الانتماء الإيماني الأصيل لشعبنا وتحقق آماله في الحرية والاستقلال والعيش الكريم، وأن تجسد انتماء شعبنا الإيماني وتحقق تطلعاته".
حركة أنصار الله في أساسها قائمة على مقررات، ولا تعترف بدستور ولا بأنظمة حكم. كما أن فكرتها في الأساس ليست مستمدة من الزيدية كما يعتقد البعض. فقائميتها المتمثلة بحسين الحوثي كزعيم مؤسس ومن بعده أخوه عبد الملك كمرجعية، تنتفي معها اشتراطات الإمامة التي عند الزيدية، والتي منها أن يباشر صاحب السيف الحكم مباشرة. فنظرة الزيدية للحكم هي أن صاحب السيف يكون هو الحاكم المباشر. وبالتالي هناك طرف كبير منهم يرون أن عبد الملك الحوثي ليس إماما لهم باعتبار أنه لم يباشر الحكم بنفسه وإنما تحول إلى مرجعية لا أكثر، بينما هذا الأمر ليس موجودا في الزيدية بل هو قفزة عليها. وهذا صحيح إلى حد بعيد
فمثلما أنه من الصعب القول بأن الخمينية، من حيث أنها نزت على الحكم بطريقة التوائية وابتدعت شيئا اسمه المرشد، مازالت اثناعشرية، فإن الحوثية هي أيضا لم تعد زيدية، في نظر الزيديين، وذلك لابتداعها مسألة المرجع اعتمادا على الخمينية.
المذهب الاثنا عشري بالنسبة للخمينية مجرد تراث تستقي منه تجددها واستمراريتها، تماما مثلما أن الحوثية تعتبر المذهب الزيدي تراثا غنيا هي أيصا للاتكاء عليه في استمرار حركتها. والتقارب بين كلتا الحركتين الخمينية والحوثية، لا يعني تقاربا بين الاثنا عشرية والزيدية، فبين المذهبين عداء طويل وصل إلى حد التكفير، خصوصا في المذهب الزيدي.
أما فكرة المرجعية عند الحركتين فهي استلهام لفكرة المرشد عند حركة الإخوان المسلمين. ومن يعد إلى جذور التقارب بين الإخوان وخمينية إيران يجد أن الأخيرة أخذت منهم كل شيء باستثناء جبة التشيع لعلي.