• الساعة الآن 09:17 PM
  • 21℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

الوساطة العمانية في اليمن

news-details

 

خميس القطيطي

عندما تقوم سلطنة عمان بأدوارها المحورية في القضايا العربية والدولية فإنها على الدوام لا تنتظر أن تتصدر وسائل الاعلام ولا تبحث عن معلقات المدائح من قبل الاشقاء والاصدقاء فهذه الادوار والمواقف العمانية المشرفة متلازمة عمانية نابعة من الأصول الثابتة الرصينة وعمق التجربة العمانية التي تراكمت خلال تاريخها الطويل وتستند الى مبادئ الحق والعدل ونشر الخير والسلام والامان والاستقرار والازدهار وهي قواعد مؤسسة على القيم وقواعد القانون الانساني الدولي وهو جوهر استقلالية الموقف العماني، وبالمقابل فإن هذه الادوار العمانية المشرفة تفترض عدم التقليل من شأنها أو انتقاصها أو الاستخفاف بها ولكن عندما نرصد بعض التصريحات حيال الجهود العمانية في الوساطة والدور العماني منذ بداية الأزمة في اليمن الشقيق فنحن نتطلع من الأشقاء عدم اللمز والتقليل من تلك الجهود التي يعلمها الاشقاء في اليمن أولا ولا نود ذكرها فهي واجب انساني عروبي اخلاقي يفترض على بلد مثل عمان أن يقوم به كما قال عنه الرسول (ص) قبل أكثر من 14 قرن: “لو أنَّ أهل عُمانَ أتيتَ، ما سبُّوك ولا ضربوك” فذلك الاساس المتين والوصف الدقيق الذي وصف به رسولنا الكريم يتجلى اليوم فيما تقدمه عمان من سياسات قائمة على القيم الانسانية في جهودها الصادقة والتي تتطلب التقدير فقط. ولا شك أن عمان عندما ذهبت الى اليمن كان بتوافق بين الاشقاء اليمنيين وللثقة التي تحظى بها السلطنة وهي بلا شك تبحث عن نشر السلام والامن والاستقرار باليمن ولا تبحث عن أية مصالح عابرة، وذهب الوفد العماني في جهود الوساطة أكثر من 4 مرات سابقة بعد أن كانت مسقط هي الحاضن لتلك المفاوضات لسنوات وكان وفد أنصار الله يتخذ من مسقط قاعدة للتفاوض وهي بلا شك أرضه وبلده في ظل تلك الظروف التي تعيشها اليمن والحصار والصراع اللذين يضيقان الخناق على الاشقاء في اليمن فكانت السلطنة هي النافذة والرئة التي يتنفس من خلال أخوتنا في اليمن وهذا بالتأكيد من صميم الواجب العروبي والانساني والاخلاقي .

المواقف الانسانية العمانية التي عرفت بها سلطنة عمان عبر تاريخها والتي ترجمتها السياسات العمانية في العقود الخمسة الماضية خلال تولي جلالة السلطان قابوس – رحمه الله وتستكمل اليوم برعاية كريمة من السلطان هيثم – حفظه الله هي سياسات عمانية أصيلة تعبر عن استقلالية الموقف العماني وهي تتميز بخصوصية عمانية لا يمكن أن تنحاز لأي طرف أو لأي موقف آثم عقائديا مذموم فكريا مخل سياسيا والتاريخ شاهدا على ذلك، وعندما نجد من يحاول التقليل من هذه الادوار الكبيرة ويصفها بمحدودية التأثير بعد جهود مضنية من أجل نشر السلام والاستقرار نود هنا أن نلفت الانتباه ونؤكد أن سلطنة عمان رغم ما تعرضت له بسبب هذه الوساطة من إساءآت واتهامات من قبل الأشقاء نؤكد لهم أولا أن عمان صادقة مع نفسها ومع الآخرين وهي تمارس أدوارها بما يمليه عليها واجبها تجاه الأشقاء لرفع الماسآة والمعاناة عن الاشقاء من أبناء الشعب اليمني ولم تجن السلطنة أية مصالح مادية بل على العكس من ذلك فكل جهودها التي تقدمها في نشر الخير والسلام تحتسبها عند الله ولا تقدم نفسها على وسائل الاعلام بل تتحرك بهدوء وروية ومثابرة وجهودها تبعث اضاءآت لتملأ الآفاق والحمد لله هي جهود موفقة دائما وذات تأثير كبير على المستوى الاقليمي والدولي .

واذا عدنا للملف اليمني فمن المهم هنا أن نشير الى أن الوساطة العمانية كانت سببا رئيسيا وعظيما في استمرار الهدنة ووقف اطلاق النار في الصراع الدائر في اليمن ولولا استمرار هذه الهدنة لما وصلت المفاوضات الى هذه المرحلة المتقدمة اليوم حيث اجتماع الرياض الذي يقدم نتائج مبشرة وكبيرة لانهاء الازمة بعون الله، كما أن عمان لا يمكن أن تفرض مواقفها على الآخرين في المباحثات وتحاول بجهودها المستمرة تهيئة الظروف والوصول الى نقطة النضج في المواقف لتحقيق النجاح وهذا هو دور الوسيط، وهنا تظل عمان هي بارقة الأمل والبلد الآمن لاحتواء الصراعات والخلافات بين الاشقاء والطرف الموثوق به والصادق دائما والذي لن يتخلى عن دوره المحوري الكبير وعلى الآخرين تقدير هذا الدور سائلين الله الخير والسلام والازدهار لليمن الشقيق والوطن العربي عموما والعالم أجمع والله من وراء القصد.

*كاتب عُماني

شارك المقال: