• الساعة الآن 11:46 PM
  • 11℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

أشرف الريفي يكتب: عن الحرب التي تسلّلَت إلى القلوب قبل البيوت

news-details

 

أشرف الريفي

في خضمّ سنوات الحرب، لم تقتصر الخسائر على الأرواح والممتلكات، بل تسللت إلى نسيجنا الاجتماعي فأضعفته، لتظهر في مجتمعنا سلوكيات لم نعهَدْها من قبل، كالتعالي بسبب المال أو المكانة الجديدة، وبروز الخلافات والصراعات حتى بين الأقارب، والتحريض على النزاع من أصحاب المصالح السياسية أو الأسرية أو الشخصية.

فقد تحوّلت أجواء السلم والوئام إلى خصام وكراهية وحسد وعداء بلا قيم، مما أثّر بشكل مباشر على حياة الناس اليومية وعلى استقرار المجتمع.

وندرك أن المال والمكانة زائلان، بينما تبقى الأخوّة والرحم والقيم، ما يُحتّم ضرورة الاحتكام للعقل وعدم الانجرار وراء المُحرّضين أو المستفيدين من النزاعات. فالمجتمعات المستقرة تقوم على إحياء قيم التسامح، ومدّ أيادي الوصال، والتجاوز عن الزلات.

كما أنّ القطيعة والانغلاق ليسا حلًا؛ فالحياة تقوم على الحوار والتواصل بدلًا من الجفاء، والخلاف يُحلّ بالكلمة الطيبة لا بالخصومة والكراهية.

ولعلّنا نفتقد اليوم للحكماء والقدوة الحسنة، مما يفرض أن يكون كلٌّ منّا نموذجًا في ضبط النفس والإصلاح بين الناس، والابتعاد عن التصرفات التي تزيد التباعد، وتعزّز الخصومات، وتحوّل المجتمع إلى ساحة مُلغَّمة بالحقد والكراهية، خصوصًا بين الشباب الذين يفترض أن يكون ميدانهم مختلفًا، وآمالهم وطموحاتهم مستقبلية، لا تُجرُّ خلافات الماضي، ولا يُبنى المستقبل بعيون أعماها الحقد وهزمتها الغطرسة وثقافة الاستقواء والعنجهية.

وسيدرك الجميع – وإن تأخر الوقت – أنهم كانوا ضحيةً لنافخي الكير وأصحاب المصالح الضيقة، وأنه لا حلّ للسِّلم المجتمعي إلا بالتمسّك بما يجمع الناس من صِلات الرحم والجيرة والأخلاق، وتغليب صوت الحكمة على صوت المصلحة والأنانية والعصبيات المرفوضة دينيًا وأخلاقيًا.
فالأوطان لا تُبنى بالنزاعات، بل تُبنى بالتعاون والتسامح.

شارك المقال: