عبدالرحمن العابد
في اليمن، خلال فترة من الفترات التاريخية شهد الناس ظاهرة عجيبة تمثلت بالمطالبة بتخفيض الرواتب خلال نهاية الستينات من القرن الماضي في المحافظات الجنوبية مستفيدين من فترة الزخم والحماس الثوري، وبقت هذه الحالة الفريدة من نوعها في العالم محط سخرية لعقود طويلة يُردَد فيها تهكماً "تخفيض الراتب واجب".
مع ذلك، يبدو أن ما يحدث حاليًا يجعل تلك الأحداث تبدو بسيطة، فقد وصل الأمر في الوقت الحاضر إلى درجة يتم فيها وصم من يطالب بحقوقه بأنه "عميل ومنافق ومخدوع وأخيراً بالتخابر مع العدوان!!!".
وقد تجاوز الأمر حدوده ليشمل التجريح، حيث يتم وصفهم بأنهم "حمقى" يعملون ضمن المخطط الأمريكي للنيل من الوطن.
تلك الاتهامات تعكس حقيقة مؤسفة، وهي استغلال السلطة وتضليل الرأي العام من أجل تجنب تلبية المطالب الشرعية للأفراد.
يجب أن نتذكر أن المطالبة بالرواتب حق أساسي لكل فرد لا يوجد فيه أي خطأ، ويجب على السلطة والمجتمع أن يعترفوا بأهمية هذا الحق وأن يتم التعامل بجدية مع مطالب الموظفين والعمال بدلاً من الإساءة إليهم.. واعتبار أن مطالبتهم بحقوقهم عمل استخباري وخدمة للعدوان، غباء.
لقد صبر الموظفون ثمان سنوات كاملة واستمروا في أداء واجباتهم.. وفي مقدمتهم المعلمين وأساتذة الجامعات، ولم يعد من المعقول السكوت أكثر من ذلك خصوصا وهم يشعرون بأنه يتم تضييق الخناق عليهم ومجازاتهم على صبرهم بالنبذ وإحلال غيرهم والتشكيك في نواياهم ووضع علامات الاستفهام حول السر الخفي الكامن وراء صمودهم بدلاً عن شكرهم.