عبدالوهاب الروحاني
قبل ان يصل الى قمة شرم الشيخ ليصنع "السلام" قال ترامب مخاطبا "الكنيست" الاسرائيلي: "كان بيبي (نتنياهو) يطلب السلاح ونحن نعطيه، يطلب ونحن نعطيه، وسلاحنا هو أقوى سلاح في العالم، وقد اجدتم استخدامه، ونحن اليوم به نصنع السلام" !!
هكذا خاطب ترامب المحتلين، وكان لسان حاله يقول: نحن معا قتلنا ودمرنا بأحدث الاسلحة وبحرفية عالية.. وهكذا هو يقاتل من أجل السلام ومن اجل "نوبل للسلام"..!!
ترامب الذي يصنع السلام اليوم هو من منع وقف الحرب في غزة (7) مرات باستخدام حق الفيتو في الامم المتحدة، وهو من مول حرب غزة بحوالي (40) مليار دولار امريكي، وهو من زودها باحدث الاسلحة وأكثرها فتكا ودمارا، وبها قتل الاسرائيليون (75) الف مواطن فلسطيني، بينهم (20) الف من الاطفال.
ولكن..!!
أيا كان حجم القتل والدمار الذي حل بغزه والغزيين طيلة عامين من ارهاب الدولة الذي مارسه الكيان المحتل الا ان الفرحة بايقافها كانت طاغية ومسيطرة على كل انسان بضمير حي، تابع فضائع الابادة الجماعية ضد الفلسطينيين.
لم يكن مهما على يد من جاء قرار وقف الحرب في غزة، على يد المقاومة والشارع الغربي المناهض للحرب، أم المحكمة الدولية، أم على يد ترمب ونتنياهو، ام على يد الحكام العرب، ، أم بسبب ضغوط اهالي "الرهائن"..
كل ذلك لم يكن مهما.. المهم ان الحرب توقفت وتوقف معها استباحة الدم الفلسطيني.. وتلك كانت هي مكمن سعادة من ظلوا يقاومون الحرب وما تُخلًفه كل لحظة وكل ساعة من قتل وخراب ودمار..
هذه هي المعادلة:
دمروا غزة ومدارسها، ومستشفياتها، ومساكنها، وابراجها ومساجدها وكنائسها، وقتلوا، وتسببوا في تجويع كل سكان غزة، وشردوا الملايين بدعم امريكي غربي صريح وواضح، لكنهم لم يستطيعوا قتل روح الصمود الفلسطيني، ولم يخمدوا جذوة المقاومة الفسلطينية.
اسرائيل والعالم كله قايض الفلسطينيين بالهجرة او الموت فاختاروا الموت، قايضهم بالاستسلام او الجوع فاختاروا الجوع، قايضهم بالتخلي عن المقاومة او الفناء فاختاروا المقاومة والبقاء..
انه شعب الجبارين.. الشعب الاقوى.. صاحب الحق والعدل والكلمة الاعلى.. شعب لا يساوم على ارضه وعرضه.. شعب اختار المقاومة طالما الاحتلال باق.. هكذا يقدم الفلسطينيون دروسا يومية في روح الانتماء والولاء للارض و الانسان.
نعم، كان هناك ثمن باهض وباهض جدا للحرب، لكنه الاحتلال، وهي سنة المقاومة؛ فلو لم يكن الاحتلال لما كانت المقاومة.. ولو لم يكن الاحتلال لما كان التشريد والقتل والسجن والحصار والملاحقات، ولو لم يكن الاحتلال لما كان (7) اكتوبر .. هذه هي المعادلة لمن لم يستوعبها بعد.
لا يوجد شعب محتل بلا مقاومة.. نعم خسائر المقاومة كبيرة، لكنها تقاوم احتلالا فاشيا يمتلك احدث الاسلحة، ويسيطر على الارض والبحر والسماء.. تقاوم احتلالا يمتلك اقوى الحلفاء والمطورين والممولين لادوات القتل عربا واجانب..
هذه المقاومة التي تقاتل وحيدة باسلحة بدائية، وتجوع وحيدة بحصار عالمي، وتتحدى وحيدة ببندقية فلسطينية استطاعت أيضا ان تكبد المحتل خسائر لم تكن في توقعه ولا في حسبانه..
فماذا فعلت المقاومة في مواجهة الحرب الهمجية ضدها؟! وماذا تقول اسرائيل عن خسائرها؟!
¤ اسرائيل تقول ان قتلاها بلغوا (2600) بين عسكري ومدني
¤ حوالي (130) الف مصاب بين جريح، ومعاق، ومجنون.
¤ أكثر من (165) الف نازح، بخلاف الهجرة المعاكسة لعام 2024 التي بلغت (600) الف مستوطن يهودي عادوا الى بلدانهم الاصلية في دول اوروبية والامريكيتين.
¤ تقول اسرائيل ان خسائرها المالية بنتيجة حرب غزة بلغت اكثر من مأة مليار دولار.
واخيرا:
• لم يستعيد نتنياهو اسراه بالحرب والقتل والتدمير، وانما بالتفاوض وبارادة المقاومة.
• ظل الفلسطينيون في غزة ثابتين على تراب ارضهم، ورفضوا التهجير، ورفضوا "ريفيرا" ترمب.
• اسرائيل قتلت ودمرت لكنها لم تقض على المقاومة.
المقاومة لا تزال حية وهي تقاوم طالما هي تفاوض، وبالمقاومة وب(7) اكتوبر اعترف العالم بالقضية الفلسطينية بعد ان كانت قاب قوسين او ادني من النسيان، وبالمقاومة اعترف العالم بحق الفلسطينيين في اقامة دولتهم المستقلة وذات السيادة على تراب ارضها.. وترامب نفسه وصف المقاومة بقوله " انهم اقوياء ومفاوضون جيدون واذكياء"..
فتشاءلوا بالاتي .. وان كان ملغوما.