• الساعة الآن 11:43 PM
  • 18℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

عبدالله الصعفاني يكتب: انحدار سلوكي مخيف.. حتى في بيوت الله..!

news-details


عبدالله الصعفاني

لم يكن المفكر الإيراني علي شريعتي في حالة تهكُّم أو توبيخ أو تلبيخ عندما قال: بأنه يفضِّل أن يذكر الله وهو في الشارع على أن يذكره في المسجد وهو يفكِّر بحذائه.

* كان شريعتي فقط في حالة اقتراب من معرفة أكدت الأيام صحتها، ربما في جميع بلدان الحروب والأزمات والعدوان والفقر التي تتكرر فيها حالات يتعرَّض فيها مصلِّون للسرقة من مصلين افتراضيين، رغم أن القائمين على بعض المساجد لا ينسون كتابة نص الإعلان التحذيري:

عزيزي المصلي.. كُن أذكى من اللصوص وحافظ على حذائك من السرقة..!

* وعلى أهمية هذا الإعلان التحذيري نجد أنه لا اللصوص خافوا من التحذير وقسوة من يمسكوه متلبسًا، ولا بعض المصلين تجاوزوا مخاوف استمرار أداء الفروض والنوافل بعين على القبلة وعين على المكان الذي وضعوا فيه ما يهمهم مع الأسف الشديد.

* والمحزن أن هذه الكيفية من الصلاة لا تلتقي مع أهمية أن يقبل الجميع على الله بقلب خاشع أو كما يردد الأئمة قبل التكبير: استووا، وحاذوا بين المناكب والأعقاب.. وأقبلوا على الله بقلوب خاشعة..!

* وكثيرة هي الحالات التي يخرج فيها مصلون من المساجد حفاة فيتذكرون  الباكستاني الذي وضع حذاءه في مكان آمن نسبيًا، لكنه خرج حافيًا، فردد وهو يضرب كفًا بكف “حكمة فيه.. إيمان ما فيه”.

* وشخصيًا تكررت معي الحادثة، قبل أن أتعلم من الأخطاء، فأتوجه إلى المسجد بالبالي الذي لا يلفت نظر أصحاب هذا السلوك المقيت من لصوص المساجد، ولكن هيهات..

أنت تعيش تداعيات وتبعات الفقر، والعدوان، والنزوح، والبطالة، والفقر، والجوع ومختلف الأمراض الموازية للأزمات والآفات السياسية والاقتصادية والمجتمعية..!

* الجمعة الماضية، عشت في أحد المساجد حكاية فقدان هاتفي وليس حذائي، وتفاجأت بمن يقول لي: خلاص.. عليه العوض ومنه العوض.. الجمعة الماضية شهد نفس المسجد الجامع سرقة هاتفين.. يعني إذا انسرقت فقد انسرق إخوة لك من قبل..!

وما يؤكد العمدية والترصد هو غياب أي نوايا لتسليم المفقودات إلى أصحابها عند الفقدان.

* وعذرًا يا من ترى في الحكاية قفز على أحداث أهم..!

فالسرقة كلٌّ لا يتجزأ.. ومن يدفعك لمغادرة بيت الله حافي القدمين أو بدون هاتف فتفقد بعدها الكثير مما يهمك هو لِص غير ظريف، حرمك من هاتف اشتريته من حر مالك، وقام بسرقة أرشيفك، وعطل نشاطك.. وليس لك من ذنب وأنت من اعتقدت بأن للمسجد حرمته.

وتوضيحًا للصورة، هل هناك من لا تحيط به مخاوف أن يخرج من المسجد حافيًا بعد أن ارتقت أو هبطت هذه الحكاية إلى درجة الظاهرة..؟

* وكلا.. ليس في الظاهرة مجرد تعبير عن الحاجة في زمن صعب نرى فيه تنامي عدد المتسولين الذين يطلبون الناس اضطرارًا أو حتى إلحافًا وإنما نراه في تنامي أعداد محتالين ولصوص لا يخافون الله، ويأخذون طريقهم إلى مقتنيات مصلين بترصد فاجر لصناديق رفوف الأحذية بشتى الحيل واستغلال دقائق الزحام في سرقة محتويات الجيوب بمكر، ظاهره المصافحة الحميمية حتى من غير معرفة حقيقية سابقة.

* المخيف هو ما يرافق السرقات من خِفّـة تذكرك بأماكن استعراض الألعاب السحرية، ما يفرض عدم الاستهانة بالظاهرة المغرقة في الدناءة مهما بدت عند البعض عادية وتلبية حاجة، لأن التسبب في خروج أحدنا من المسجد بدون حذاء عمل مقيت، يسيء إلى أبجديات الدين والأخلاق، ويدعو لمراجعات وتوعية كبيرة.

* وهنا لا بد من التحية للقائمين على مساجد محدودة اهتم القائمون عليها بظاهرة السرقة وجمعوا بين وضع الكاميرات وبين توفير صناديق وكروت تساعد المصلين على التوجه إلى الله بقلوب خالصة النية، غير مشتتة بين هاتف وحذاء.

* وأيًا كان.. كانت دوافع من يقومون بمثل هذه الأعمال المشينة.. فقر، حاجة، بطالة، أو اضطرابات نفسية وسلوكية فهو انحدار أخلاقي وقيمي يفرض الحاجة للنقاش والمعالجة.. لأنه إذا ساد الشتات والشرود الذهني في المساجد، وضاع الأمان من بيوت الله، فأين سنجده..؟

شارك المقال: