نايف القانص
هل تُدرك هذه الجماعة حجم الخسارة والمأزق الذي زُجّ باليمن فيه، وهذه الضربة الموجعة التي أطاحت بأغلبية أعضاء حكومتها؟
لقد تابعنا خطاب المشاط وتهديداته الموجّهة للكيان الصهيوني، غير أن السؤال الأهم يبقى: ما جدوى هذه التهديدات إن لم تُسبق بتقييم موضوعي لحجم الضربات التي وُجّهت بالفعل، ومدى تأثيرها الحقيقي على الكيان؟ وفي المقابل، ما مقدار الخسائر التي تكبّدها اليمن نتيجة هذه السياسات؟
ثم ماذا جنت غزة من ذلك؟ وهل انعكست هذه التحركات على واقعها الميداني بصورة ملموسة، أم أن المكاسب بقيت محدودة بينما تحمّل الشعب اليمني المزيد من الأعباء الاقتصادية والإنسانية؟
أليست مفارقة أن حكومة غير معترف بها ولا تستطيع تأمين رواتب موظفيها تُغامر بالزج بالبلاد في حرب إقليمية ودولية؟
المؤسف أن هذه التساؤلات الجوهرية لم تحظَ بالاهتمام الكافي. فبدلًا من مراجعة النتائج والبحث عن موازنة رشيدة بين الالتزامات الوطنية والتضامن مع القضايا العربية والإقليمية، تحولت القضية إلى مغامرات تُسوَّق كأدوات دعائية للفكر السياسي للجماعة، ووسيلة للهروب من استحقاقات الداخل، دون حساب عقلاني للعواقب.
إن استمرار هذا النهج لا يبشّر بخير، بل يهدد بمزيد من الخسائر على المستويين الوطني والإنساني. والمطلوب اليوم وقفة جادة تعيد الاعتبار للمصلحة اليمنية أولًا، فاستمرار اختطاف الدولة ومؤسساتها والزج بها في نزاعات دولية لا يعكس سوى فشلٍ ذريعٍ في إدارة شؤون الحكم. والحكمة تقتضي إنهاء الانقلاب، والقبول بخيار حكم ذاتي في صعدة كحلٍّ واقعي للخروج بأقل الخسائر الممكنة، بما يحفظ للشعب اليمني حقه في حياة كريمة، ويحافظ على وحدة أراضيه، ويتيح في الوقت نفسه أدوارًا أكثر مسؤولية وحكمة في إطار التضامن العربي والإسلامي.