بقلم/ فيصل بن أمين أبو راس
سفير وبرلماني سابق
المؤتمر الشعبي العام ليس كيانًا عابرًا، ولا ترفًا سياسيًا، بل هو تنظيم مؤسسي يمني خالص، من أب وأم يمنيين، نشأ من رحم التوافق الوطني، وتأسس على قاعدة ميثاق وطني صاغته مختلف القوى والمكونات اليمنية. تحكمه ضوابط تنظيمية ولوائح داخلية ونصوص قانونية واضحة، وله أدبياته ورؤيته وبرامجه السياسية المُعلنة، ونظام يُنظم العضوية والانتماء والانتخابات.
لم يحكم المؤتمر منفردًا في أي مرحلة، بل كان، كغيره، محكومًا بأدوات السلطة، ممثلة بالرئيس المؤسس الشهيد علي عبدالله صالح – رحمه الله – الذي آثر الحكم بمبدأ الشراكة والاحتواء. ورغم أن تلك الشراكة لم تحقق الاستقرار المنشود، فقد جرى اقتسام الربح بين الشركاء، فيما أُلقيت الخسارة عليه وحده في نهاية المطاف. إذ لم يؤدِ الاحتواء إلى استقرار الحكم، بل زاد من قوة من تم إشراكهم، حتى توحدوا لاحقًا، واستعانوا بالخارج لإقصائه عن السلطة، بعدما شعروا بأنه يعدّ لتقليص نفوذهم واستبدالهم بآخرين أكثر التزامًا وارتباطا بمساره.
ذلك كان بالأمس، أما اليوم، فعلى كل من يدّعي الانتماء لهذا الحزب العريق أن يدرك بأن المؤتمر ليس ملكية خاصة لأحد، ولا ساحة للعبث أو الاستعراض. إنه كيان تنظيمي تحكمه لوائح وأنظمة، ومن يخرج عنها فعليه أن يراجع نفسه ويتواضع، فالمؤتمر ليس مزرعة شخصية، ولا وراثة حزبية، بل تنظيم يُحتكم فيه إلى اللوائح، لا إلى الأهواء أو الحسابات الضيقة.
أما ما يُثار بشأن "النائب الثالث لرئيس المؤتمر"، فالأمر محسوم، إذ تم انتخابه – شأنه شأن الرئيس والنائبين الأول والثاني – من قِبل اللجنة الدائمة، وفقًا للنظام الداخلي للحزب. ولا يمكن إقالة أي منهم بشخطة قلم أو بإملاء من سلطة الأمر الواقع، ما لم تُوجَّه إليه تهمة حقيقية ويُحال إلى قضاء عادل.
إن تسييس القضاء واستخدامه كأداة لتصفية الخصوم، يُعد خيانة لمبدأ العدالة واستغلالًا فاضحًا للمؤسسات. وإذا كان الاصطفاف لصالح دولة خارجية يُعد خيانة، فليُنظر من يصطف اليوم لصالح من؟! إذ لا يكاد ينجو من ذلك أحد، إلا من رحم ربي.