خاص - النقار
في تعز، يحدث لخزان مياه صغير يسع آلاف اللترات أن ينزلق ويتبدد ماؤه في الشارع فيصبح حديث الساعة. مقطع الفيديو الذي رصد انزلاق الخزان أثناء ازدحام السكان عليه، رصد أيضا ردة الفعل اليائسة من قبل أولئك السكان وهم يرون الماء ينسكب على الأرض، فيما أوانيهم التي جاؤوا بها ستعود خالية الوفاض من دون قطرة ماء واحدة.
المدينة الحالمة، كما يحلو للكثيرين تسميتها، يبدو أنها ما تزال كذلك، مع فارق أن الحلم نفسه أصبح متكثفا وغير قابل للمزيد: فقط شربة ماء.
يأتي هنا دور الشهامات والمبادرات والإنسانية"، ، فالمدينة المحاصرة منذ أكثر من عقد من الزمان والمحكومة بقانون أزمات وطوارئ ومتاجرات، قد تحظى من هذه الجهة أو تلك بذلك النوع من المبادرات والشهامات، لوجه الله ولأغراض أخرى يقتضيها الحال، كتصفيق إعلامي مهيب أو زفة معتبرة لتلك الوايتات التي ستعبر محملة بالمياه في أزقة وشوارع المدينة.
ومثلما يحدث لخزان مياه أن ينسكب فيصبح حديث الساعة، يحدث أيضا لموكب وايتات محملة بالمياه أن ينطلق من منطقة الحوبان التابعة لحكومة صنعاء إلى المدينة التي يعاني الأهالي فيها من أزمة مياه خانقة وأن يغدو بدوره الحدث الأبرز على مواقع التواصل الاجتماعي.
فسلطة صنعاء عبر إعلامييها لن تكف عن القول بأن مبادرتها هذه في إدخال عشرات الويتات إلى مدينة تعز تأتي من باب شعورها بالمسؤولية القصوى تجاه ما يعانيه أبناء تعز، في ظل عدم الاكتراث واللامبالاة من قبل سلطات الطرف الآخر المسيطرة على المدينة، وهذه بدورها ستجند إعلامييها للقول بأنه بدل هذه الوايتات كان الأولى بسلطة صنعاء أن ترفع يدها عن حقول المياه شرقي المدينة والمغذية لاحتياجات السكان من المياه.
وبين هذا المنطق وذاك تبقى أزمة المياه الصارخة التي دخلت شهرها الثاني في مدينة تعز هي العنوتن الأبرز للصراعات والمتاجرات الرخيصة من قبل أطراف الصراع، ويبقى المواطن هو الذي يدفع ثمنها عطشا واحتجاجات وإضراما للإطارات التالفة في شوارع المدينة، ليعود من جديد إلى الطوابير الطويلة المصطفة لأيام أملا في الحصول على عشرين لتر ماء، بعد أن ارتفع سعر صهريج المياه سعة 5 آلاف لتر من 24 ألف ريال إلى 120 ألف ريال، ومن مائتي ريال لدبة الماء (الكوثر) من محطات مياه الشرب إلى 2000 ريال.