خاص - النقار
حكومة صنعاء الجديدة ممثلة بوزارتي المالية والاقتصاد تصدر قرارا مشتركا هو الأول من نوعه يقضي بحظر استيراد أكثر من عشرين منتجا، بما فيها منتجات غذائية. القرار جاء بحجة دعم الإنتاج المحلي، لكن الغرفة التجارية في صنعاء، والتابعة بطبيعة الحال لجماعة أنصار الله اعتبرت القرار كارثيا له تداعياته وانعكاساته السلبية التي تهدد بانهيار اقتصادي واسع النطاق، فضلا عن كونه يفتقر لأي دراسة اقتصادية متوازنة، ويتجاهل الواقع الإنتاجي والظروف المعيشية الصعبة التي تمر بها البلاد.
القرار، الذي قالت حكومة صنعاء إنه سيدخل حيز التنفيذ مطلع أغسطس المقبل، يشمل حظر استيراد سلع واسعة الاستهلاك مثل الألبان الجاهزة، العصائر، المناديل الورقية، المياه المعدنية، الأنابيب الحديدية، السيراميك، الحقائب، الأكياس، الإسفنج، وعدد من منتجات الحديد والبلاستيك. كما يتضمن تقييد استيراد سلع أخرى بتعديل التعرفة الجمركية أو فرض كميات استيراد محددة، منها السكر الأبيض، معجون الطماطم، حفاضات الأطفال، البقوليات المعلبة، القوارير البلاستيكية، والمنتجات الورقية.
كل ذلك، بحسب وزارتي المالية والصناعة في حكومة صنعاء، يأتي في سبيل دعمها للمنتج المحلي وتشجيع المصانع المحلية على الاستمرار والبقاء، نظرا لكونها تعرضت لخسارات كبيرة طيلة السنوات السابقة.
لكن الغرفة التجارية الصناعية بأمانة العاصمة ترى أن تلك الحجة غير كافية ولا مبررة للإقدام على مثل هكذا قرار "تعسفي، وغير مدروس، ويضر بالمصلحة العامة ويفتقر لأي دراسة اقتصادية متوازنة، ويتجاهل الواقع الإنتاجي والظروف المعيشية الصعبة التي تمر بها البلاد".
كما أكدت أنه "يخنق القطاع الخاص ويكرس الاحتكار، ويفتقر لأي مشاورات مسبقة مع القطاع التجاري"، مشيرة إلى أن مثل هذه الإجراءات لا تمت لسياسات التوطين بصلة، بل تُفضي إلى طرد رؤوس الأموال الوطنية، وإغلاق المصانع، وركود الأسواق، مع احتمال موجات غلاء جديدة تضاف إلى الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، ومحذرة من "تداعيات كارثية" على النشاط التجاري والمعيشي في البلاد، وانعكاسات سلبية تهدد بانهيار اقتصادي واسع النطاق.
جاء ذلك في بيان رسمي للغرفة أصدرته اليوم الأربعاء، معلنة بلهجة شديدة رفضها القاطع للقرار بل واعتبرته انتهاكاً صريحاً لمبدأ الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص، وتهديداً مباشراً لحركة التجارة والاستيراد، التي تُعد شرياناً رئيسياً لحياة الملايين في ظل غياب الإنتاج المحلي الكافي.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن الغرفة التجارية أصدرت البيان بعد ذهاب قيادتها إلى وزارة الصناعة لمراجعة القرار ومناقشة عواقبه.
المصادر أكدت أن الاجتماع شهد احتدادا في النقاش جعل وزير الصناعة يقول بالحرف الواحد: سنفرض هذا القرار غصبًا عن الجميع، مما حدا بقيادة الغرفة الانسحاب من الاجتماع وإصدار بيانها الناري الذي جاء فيه أيضا أن "هذه السياسات تمثل بيع غرر، وتُفقد السوق مبدأ المنافسة والكفاءة في الإنتاج، وتفتح المجال أمام الاحتكار والتلاعب... إننا في الغرفة التجارية نؤكد على رفض السياسات العشوائية التي تخنق الاقتصاد الوطني، والوقوف في صف المواطن والتاجر على حد سواء، والتمسك بحقوقنا التي كفلها الشرع والدستور. ونشدد على أن المواطن هو المتضرر الأول والأخير، وأن سيادة النظام والقانون هي الضامن الوحيد لتحقيق العدالة. ونؤكد أن الغرفة التجارية تحتفظ بحق الدفاع عن حقوق التجار بكل الوسائل التي يكفلها الشرع والقانون".
وبصرف النظر عما تضمنه بيان الغرفة التجارية من حديث عن سيادة القانون وعن وقوف الغرفة إلى جانب المواطن والتاجر، فإن مراقبين يشككون في النية التي دفعت الغرفة التجارية لإصدار مثل هذا الموقف، وهي المتماهية طيلة السنوات السابقة مع كل توجهات سلطة صنعاء، متسائلين: لماذا هذه المرة فقط كان لها أن تلتفت إلى خطورة ما يحدث؟ هل لأنها صحوة ضمير مثلا؟ أم لأن هناك تجارا من أعضائها أو المحسوبين عليها أو لهم صلة بها من قريب أو بعيد، سيتضررون من القرار فكان للغرفة التجارية أن تعلن عن رفضها القاطع له؟