خاص - النقار
رمضان على الأبواب، وبالتالي على كافة الجهات التابعة لسلطة صنعاء أن تستنفر جهودها في سلخ الناس، فالزكاة والضرائب والجمارك والأراضي ومكاتب السياحة والثقافة والصحة والأشغال... والقائمة تطول وتطول، بل حتى الضبط المروري بحملاتهم الملثمة عند كل شارع في العاصمة صنعاء شغالون ويقومون بعملهم على أكمل وجه.
ولأن رمضان على الأبواب فمعنى ذلك أن السلطة المؤمنة في صنعاء تكون قد أعلنت إنهاء عامها الدراسي وفقا للتقويم الهجري، بحيث لن يكاد ينتهي شعبان حتى يكون الطلاب، باستثناء المرحلتين الوزاريتين، قد أكملوا امتحاناتهم، واستقروا في بيوتهم صائمين قائمين مع أهلهم، وأخذوا ينتظرون العطلة الصيفية المجانية التي تمنحها لهم سلطة صنعاء برنامجا إيمانيا متكاملا.
كما أنه يعني استنفارا محموما للجامعات والمدارس الأهلية في متابعة أولياء الطلاب بخصوص الأقساط المتبقية من رسوم الدراسة، فلا تفتأ الرسائل تتوالى بأن عليهم سرعة السداد حتى لا يتعرضوا للحرمان من دخوال الامتحانات.
وليس ذلك فحسب، بل إن وزارة التربية والتعليم والبحث العلمي تدخل في الموضوع هي الأخرى وتطالب بدفع الأقساط المتأخرة على أبنائهم إبراء للذمة واستهلالا لشهر الخير والبركات حتى يكون الصوم مقبولا والأجر مرتفعا.
وفي تغريدةٍ مثيرة، تساءل القاضي عرفات جعفر: "كيف تُلزم الوزارةُ المدارسَ بتحصيل الأقساط، ثم تأخذ هي النصيب الأكبر من تلك المبالغ؟". سؤالٌ يفتح الباب أمام تساؤلاتٍ أكبر عن دور المؤسسات الرسمية: هل هي رقيبٌ على جودة التعليم، أم جابٍ للضرائب المُقنَّعة؟
الوزير الصعدي ظهر أخيرا في نشاط استثنائي منقطع النظير، فبحسب صفحة وزارته على منصة إكس، ها هو الصعدي "ومعه قيادات الوزارة يزورون ضريح الصماد، مؤكدين المضي على دربه، وبالتالي من غير اللائق بأولئك الضاجين في مواقع التواصل الاجتماعي من ناشطين وأولياء أمور أن يزعجوا برنامج الوزير الصعدي وقيادات الوزارة "الماضين على درب الشهداء" بشكاوى من مثل هذه التي أوردها الناشط أنس القباطي من أن "بعض المدارس الأهلية في أمانة العاصمة تحرم الطلاب من دخول الاختبارات بمبرر عدم استكمال دفع الرسوم، بالمخالفة لتوجيهات الوزارة.. مدارس الجيل الحديث بمذبح نموذجا"، متسائلا: "من يحاسب هذه المدارس، التي لا تعرف من التربية والتعليم غير جبي الأموال؟!". مثل هذا السؤال مزعج جدا لمعالي الوزير الصعدي ويعكر عليه أجواءه الضرائحية، فالرجل قد نذر نفسه للموت، وليس معنيا بالالتفات إلى تعليم وبحث علمي وغير ذلك من الأمور الإلهائية التي ليست مبنية على قاعدة عشق الموت.
في النهاية، يبقى السؤال الأهم: هل تُقاس جودة التعليم بعدد الشهادات المُمنحة، أم بقدرته على خلق أجيالٍ قادرة على البناء؟ وهل يُعقل أن تُختزل جهود وزارة التربية في تحصيل الأموال، بينما تُهمل دورها الأساسي في مراقبة الجودة وحماية الحقوق؟ ربما يحتاج الوزير الصعدي – أثناء زياراته التاريخية – أن يتذكَّر أن "درب الشهداء" الحقيقي يبدأ من بناء مدارسٍ تُخرج أبطالًا بالعلم، لا بالدينار والدرهم!