خاص | النقار
عدن بلا كهرباء ولا ماء. يقول المعنيون في مؤسسة الكهرباء إن ما يحدث يُعد سابقة خطيرة في تاريخ عدن، والتي بحسبهم كانت من أوائل المدن في الجزيرة العربية التي دخلت إليها خدمة الكهرباء، وكانت نموذجًا متقدمًا في هذا المجال.
هذا البيان الحزين من مؤسسة الكهرباء تلاه بيان أكثر حزنا لمؤسسة المياه. ويأتي كل ذاك بالتزامن مع مرور عام على تولي أحمد عوض بن مبارك رئاسة الحكومة، حيث تم تعيينه في 5 فبراير 2024. وفي حين ارتأى هو أن يحتفي في قصره بواشنطن أو القصر الآخر بفرجينيا، حيث الكهرباء لا تنقطع ولا المياه، ارتأت عدن أن توقد الشموع وتتوضأ بماء البحر احتفالا بالمناسبة العظيمة وكنوع من تذكيره بأن كل شيء على ما يرام. فشركة النفط ترفع سعر جالون البنزين (20 لترًا) إلى 31,800 ريال، والدولار قفز إلى 2250 ريالا، والرواتب منقطعة منذ أكتوبر، ولا شيء أكثر سوى أن المدينة في طريقها إلى تعطل كافة المرافق الحيوية، كالمستشفيات وحقول المياه وغيره.
لا يملك أبناء المدينة سوى أن يخرجوا مساء في احتجاجات غاضبة، تعبيراً عن استيائهم من التدهور الاقتصادي الحاد وتردي الخدمات الأساسية.
الاحتجاجات التي خرجت مساء اليوم تركزت في مديرية المنصورة، حيث أضرم المحتجون إطارات السيارات ووضعوا الحواجز وهتفوا ضد العليمي. لكن هذا لا شك يتابع ما يجري بحرص شديد وسيعرب كالعادة عن رغبته في التطلع إلى غد مشرق خال من الكهرباء والمياه والرواتب، وكذا من النزيف الحاد للريال ومن مزادات البنك العلنية وغير العلنية. وإنه بهذا الصدد سيتوجه إلى المجتمع الدولي وإلى الأشقاء والأصدقاء لإطلاعهم عن كثب على ما يحدث. وهذا يقتضي بطبيعة الحال المزيد من السفريات واللقاءات المكثفة له ولأعضاء مجلسه الرئاسي. وها هو نائبه العليمي أيضا (عبد الله) يطرح على الدول الصديقة "تفعيل الشراكات التنموية بما يعزز فرص تحقيق الاستقرار والسلام في اليمن". هذا بخصوص الدول الصديقة، أما الشقيقة فليست بحاجة إلى طرح من العليمي النائب وإنما من العليمي الرئيس.
عيدروس الزبيدي بدوره يحرص على الظهور بالعلم التشطيري حتى لا يقال عنه إنه قد تخلى عن قضيته الجنوبية. صحيح أنه يعترف رسميا بكونه نائبا للعليمي هو أيضا، لكنه لا يمكن أن يترك لقب الرئيس للعليمي فقط، حيث يتصرف كرجل الدولة الأول الذي لن يدع المدينة لأحد سواه.
إنه وهم الصراعات وصراع الأوهام، هي التي تتجاذب المشهد كله فتكون مدينة عدن هي التي تدفع الثمن، كعاصمة بلا وجهة، وبلا وضوح لمشروع أو هدف، حيث كل يعمل على شاكلته ولمصلحته. أما العمل على شاكلتها هي ولمصلحتها هي فأمر غائب عن الجميع.