النقار - خاص
أصدرت وزارة المالية بصنعاء آلية لتسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين، بناءً على قانون دعم فاتورة المرتبات وحل مشكلة صغار المودعين، الذي أقره مجلس النواب مطلع ديسمبر الماضي.
لم تتطرق مواد القانون المقر إلى محددات تنفيذية لحل مشكلة صغار المودعين، كما فعلت مع دعم فاتورة صرف المرتبات.
وقد منح القانون وزير المالية حق إصدار آلية تنفيذية لحل مشكلة صغار المودعين، بالتنسيق مع محافظ البنك المركزي، ما جعل الآلية بمثابة قانون منفصل عن القانون المقر.
كما منح القانون صلاحيات مطلقة لوزير المالية لتحديد مبلغ (يزيد أو ينقص) شهريًا لحل مشكلة صغار المودعين، ما يجعل حل المشكلة غير مجدٍ.
عرفت الآلية التنفيذية، التي عممها البنك المركزي على البنوك يوم 26 ديسمبر 2024، “صغار المودعين” بأنهم مودعو البنوك من الأفراد الذين فتحت حساباتهم في مناطق إدارة البنك المركزي، واستثمرت أموالهم في أذون الخزانة، بحيث لا تتجاوز ودائع أو استثمارات أي منهم ما يعادل مبلغ عشرين مليون ريال يمني، وفقًا لأرصدتهم الظاهرة بتاريخ 30 نوفمبر 2024.
يتضح بذلك أن المستفيدين من هذه الآلية هم نسبة قليلة من المودعين. وفي هذا السياق، يقول مصدر مصرفي للنقار إن صغار المودعين الذين حددتهم آلية صرف الدين العام لا يتجاوزون 10٪ من إجمالي المودعين، مبينًا أن المتعارف عليه مصرفيًا أن صغار المودعين هم من تقل ودائعهم عن 100 ألف دولار، بينما المبلغ الذي حددته آلية السداد (20 مليون ريال يمني) لا يصل إلى 38 ألف دولار.
حددت الآلية الصرف بالعملة المحلية بما لا يتجاوز مائة ألف ريال شهريًا للمودع الواحد، ما يعني أن صغار المودعين الذين لديهم أموال بعملات أجنبية سيصرف لهم مقابلها بالعملة المحلية. كما أن تحديد المبلغ الذي سيحصل عليه المودع شهريًا مرتبط برصيده، حيث حددت الآلية سقفًا أعلى وليس مبلغًا ثابتًا.
المعروف أن السعر الرسمي للدولار لدى البنك المركزي بصنعاء يساوي 250 ريالًا يمنيًا، أي ما يعادل 47٪ من سعر الصرف في السوق، حيث يبلغ سعر الدولار في السوق 530 ريالًا يمنيًا، ما يعني فقدان المودع 53٪ من القيمة الحالية لأمواله في السوق.
يقول أحد المودعين للنقار - فضل عدم الإشارة إلى اسمه - إنه كان الأولى احتساب أموال المودعين بما يعادلها بالدولار، وليس العكس. وأشار إلى أن المودع بالريال أو الدولار عندما يتسلم جزءًا من أمواله شهريًا، لن يحصل على قيمتها التي كانت عند إيداعها، بل أقل من نصف القيمة. موضحًا أن المائة ألف ريال بداية عام 2015 كانت تعادل 465 دولارًا بسعر صرف 215 ريالًا للدولار، أما اليوم فلا تزيد قيمتها عن 189 دولارًا.
كما أن شمول الصرف لجميع المودعين المحددين في آلية السداد الصادرة عن وزارة المالية ليس مضمونًا كل شهر، لأن المبلغ المحدد للسداد مرتبط بتقدير وزير المالية شهريًا، ما يجعل الحل الذي تحدث عنه القانون مسألة تتلاعب بها السلطة بمبررات مرتبطة بحجم الإيرادات المخصصة.
وإن كانت عملية الدفع لصغار المودعين تمثل حالة إيجابية في ظل الوضع الاقتصادي المتدهور، إلا أن عدم ضمان قيمة العملة المودعة يضرب ائتمان البنوك، حيث تعرض المودع لخسائر مرتبطة بقيمة العملة، وأخرى مرتبطة بحرمانه من حقه في الفائدة، التي على أساسها أودع أمواله في البنوك.
اليوم، تكشف آلية السداد لصغار المودعين عن هدف سلطة صنعاء من قانون منع التعاملات الربوية الصادر في مارس 2023، الذي صادر فوائد المودعين لعقد من الزمن بأثر رجعي.
وبذلك، فإن آلية سداد الدين العام المحلي لصغار المودعين تمثل، في حقيقة الأمر، مصادرة لجزء من قيمة أموال المودعين. وإن كانت حلاً في الظاهر، فإن جوهرها ليس أكثر من إيجاد مبرر قانوني لمقاسمة المودعين أموالهم التي مُنعوا من الوصول إليها لعشر سنوات مضت.