آزال الجاوي
مع استمرار الصراع في اليمن، لم يعد النقد وسيلة فعالة لدفع الأطراف المتناحرة نحو تصحيح المسار أو معالجة الأخطاء. فقد بات الجميع، بما فيهم عموم الشعب، على دراية بحقيقة الوضع المأساوي. لكن المعضلة الحقيقية لم تعد تقتصر على سلطات الغلبة المتصارعة، بل انتقلت إلى عمق المجتمع ذاته.
اليوم، يبدو أن الانقسام تجاوز حدود الدولة ومؤسساتها ليصل إلى الشعب، الذي أصبح جزءًا من الصراع، يغذيه ويرفده بمزيد من التعقيد. لم تعد المسألة تتعلق بفشل النخب أو خلافات سياسية فقط؛ بل نحن أمام انقسام يمس الهوية الوطنية ذاتها.
السؤال الذي يطرح نفسه: هل ما زلنا شعبًا يمنيًا واحدًا، أم تحولنا إلى شعوب متفرقة؟
الحقيقة المؤلمة التي يجب مواجهتها هي أن الهوية اليمنية الجامعة أصبحت مهددة بشكل غير مسبوق، حيث باتت المصالح الضيقة والانتماءات المناطقية والقبلية والمذهبية تطغى على الانتماء الوطني وتشكل طبيعة الصراعات القائمة اليوم.
الحل يتطلب مشروعًا وطنيًا يعيد بناء الوعي المجتمعي ويركز على المصالحة الوطنية، لكن ذلك يحتاج إلى رؤية واضحة ونخب قادرة على تجاوز الانقسامات. وحتى تتبلور مثل هذه الرؤية، يبقى الوطن في حالة انتظار مؤلمة، عالقًا بين شعوب متفرقة تبحث عن طريقها نحو الوحدة والسلام، بعيدي المنال على الأقل في المدى المنظور.