خاص | النقار
فيما زعيم جماعة أنصار الله يشرع في سلسلة "دروس من حكم أمير المؤمنين علي عليه السلام"، والتي سيلقيها على مسامع الناس بدءا من اليوم السبت الموافق 8 يونيو، ويبدو أنها تستمر حتى الانتهاء من كتاب "نهج البلاغة"، يتم على الجانب الآخر من سلطته تطبيق ما ورد في كتاب الأمير لمكيافيللي. إنها المفارقة التي يمكن تلخيصها بعبارة قد ترد على شكل حوار بين اثنين: "السماء صافية.. إذن الجحيم ممتلئ". فزعيم الجماعة يبدو أنه وصل إلى حالة من الترف الفكري بحيث لم يعد يجد ما يتحدث عنه سوى البحث في طيات الكتب عن حكم يستفيد منها الناس، والذين هم بدورهم ربما قد وصلوا إلى حالة من الترف المعيشي بحيث لم يعودوا بحاجة إلا إلى تلك الحكم.
ومع مزج القواعد الميكيافيللية بتلك العبارة، يتضح لليمنيين أنه كلما امتلأت سجون سلطة صنعاء صفت أجواء الذهنية الحاكمة عند أنصار الله وتفتقت عن شاعرية ووجدان طاغيين، بحيث ترى من واجبها تزويد الناس بالحكم، وقد يأتي وقت عليهم يسمعون فيه قصائد ومحاولات شعرية أيضا.
اتركوا القائد يلقي دروسه
الناس جوعى ومرضى وهلكى وبلا مرتبات، بل وبلا أدنى مقومات حياة. ليس مهما ذلك. وإلا لماذا وجدت السجون والقبور؟!
"فقط لنترك القائد يلقي دروسه الجديدة بشيء من الشاعرية والوجدان"، ذاك هو لسان حال نصر الدين عامر رئيس وكالة سبأ وهو يكتب تغريدته التبشيرية بشيء من التأثر الذي كثيرا ما يصل به حد الدمع: "دروس من حكم أمير المؤمنين علي عليه السلام للسيدالقائد عبدالملك بدرالدين الحوثي ( الدرس الأول) يأتيكم الساعة الرابعة عصرا".
ولا شك سيحرص جهاز الأمن والمخابرات في صنعاء، وبتوجيهات عليا من مهدي المشاط أو مدير مكتبه أحمد حامد، على أن يستفيد المتعقلون الجدد من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات، والذين مازالوا يتوافدون إلى سجن الجهاز بعد يومين من حملة مداهمات واعتقالات، من دروس الحكم تلك، خصوصا وأنها للإمام علي، وخصوصا كذلك لأن هؤلاء يعملون مع هيئة أمم متحدة كافرة ولدى منظمات وسفارات عدو جائر، وبالتالي ستكون هداية هؤلاء أولى من هداية غيرهم.
وبحسب آخر تحديثات حملة الاعتقالات ضد موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في المحافظات الخاضعة لسيطرة سلطة صنعاء فقد وصل عدد المتعلقين إلى نحو ستين معتقلا، من بينهم نساء. بل إن إحدى المعتقلات اصطحبوا طفليها البالغين من العمر 3 سنوات و9 أشهر، حسب عدد من الحقوقيين والناشطين والإعلاميين.
وبحسب القاعدة الميكيافيللية المعمول بها لدى سلطة صنعاء، فقد اتخذت أسلوب اقتحام المكاتب والمنازل وخطف الأشخاص والمستندات والممتلكات، بدلا من استدعائهم رسميا عبر الآليات القانونية، إن كان هناك ما يستدعي اعتقالهم.
كل هذا جاء دفعة واحدة ودون سابق إنذار، كما يقول الحقوقيون والناشطون، بل وبعد أيام من محاكمة شركة برودجي للمتابعة والتقييم، والحكم على مالك الشركة عدنان الحرازي بالإعدام تعزيرا، وعايه يبدو أن الحملة توسعت وأن أحكاما جديدة ستصدر ضد الموظفين المختطفين.
أما الهدف من كل تلك الاعتقالات وتوقيتها، فليس واضحا بعد، لكن ثمة من الحقوقيون من يقول بأن الهدف هو الإمعان في إخضاع المنظمات الدولية، التي خضعت إداراتها من قبل وحان الوقت لإخضاعها أكثر من خلال استهداف الموظفين اليمنيين كحلقة الضعف التي يمكن من خلالها تركيع المنظمات أكثر.
وقد يتشفى البعض هنا من أن المنظمات الدولية قد صمتت طويلا على ممارسات الجماعة الحاكمة، ومالأتها في الكثير من الإجراءات، مستدركين ذلك بسؤال مفاده: فهل أن تلك المنظمات ستصمت هنا أيضا وتتخلى عن واجبها الأخلاقي تجاه موظفيها المحليين الذين تم اعتقالهم؟!