هذا الكلام ينطبق على سياسة قومي عليهم السلام؛
ميكاڤيلي يقول للأمير:
احتفظ بأكبر عدد من المنافقين إلى جوارك، بل وشجع المبتدئين منهم على أن يتمرسوا على أفعال النفاق والمداهنة، لأنهم بمثابة جيشك الداخلي الذي يدافع عنك أمام الشعب باستماتة.
سيباهون بحكمتك حتى لو كنت أكبر الحمقى، ويدافعون عن أصلك الطيب حتى لو كنت من الوضعاء، ويضعون ألف فلسفة لأقوالك التافهة، وسيعملون بكل همة على تبرير أحكامك وسياساتك العشوائية، ويعظمون ملكك، كلما أمعنت فى الظلم وبالغت فى الجباية.
ثم ألق لهم بعض الامتيازات التافهة التى تشعرهم بتفوقهم عن باقي الشعب.
ولكن احذر كل الحذر، لا تتخذ منهم خليلاً أو مشيراً لك، ولا تأخذ منهم مشورة أبداً، لأن مشورتهم خادعة، ومجالستهم ستجذبك فوراً إلى الوضاعة وتجلب لك العار.
ألق لهم الفتات باحتقار ولا تعل من قدر أحدهم، اجعل لهم سقفاً لا يتخطونه، وكن على يقين انهم سيصبحون أكبر خطر يتهددك، وسيتحولون فى لحظة إلى ألدّ أعدائك، إذا تهاوى ملكك أو ضعف سلطانك، أو ظهر من ينافسك بقوة على العرش.
سيبيعونك فى لحظة لمن يدفع أكثر، ويقدمون فروض الولاء والطاعة لمن يأتي من بعدك بدون لحظة أسف على رحيلك.
يجب عليك أيها الأمير أن تتعلم كيف تفرق بين حقراء القوم وأعزتهم.
والمنافقون هم أحقر البشر وقد أوجدتهم الطبيعة لخدمة الملك، كما أوجدت الكلاب لخدمة الراعي، وهم موجودون فى كل الممالك والسلاطين وحيثما يوجد الحاكم، وينامون على رصيف القصر.