لو حدَّدنا "الإسلام السياسي" بأنه الفكر الذي يسعى معتنقوه لتحقيق مثال أو مبدأ للدولة و"الشرعية" يُنسَب إما إلى الإسلام كنص (الإمامة حسب مزاعم الشيعة) أو إلى الإسلام كموروث تاريخي (الخلافة عند أهل السنة)، فإن الحركة الوهابية -لا سيما في موطنها الأصلي بوسط الجزيرة العربية- ليست إسلاماً سياسياً على الإطلاق.
البرنامج الإصلاحي لمحمد بن عبد الوهاب يكاد يخلو من المحتوى السياسي الصريح لا تحت مسمى الإمامة ولا الخلافة وفقاً للنظرية السنية، وإنما يجرى فيه الحديث أحياناً عن "ولي الأمر"، وهو تعبير يشير إلى الشخص الذي يتولى شؤون جماعة المسلمين، ولا يهم إن كان سلطاناً أو ملكاً أو إمام.
بمعنى أن الدعوة الوهابية -وهذه ميزتها- لم تجعل من أهدافها تحقيق نظرية خاصة في السياسة والحكم بمرجعية إسلامية، عدا ما هو موجود في التراث النظري السني عموماً والحنبلي على وجه الخصوص.
وأما عملياً فقد اقترنت الوهابية مصيرياً منذ العام 1747م بأسرة عربية ملكية أميرية (آل سعود)، ونتج عن التفاعل بين قوة العقيدة وقوة الطموح السياسي كيان ملكي سلطاني مترامي الأطراف هو الدولة السعودية، أحد أكبر وأمتن وأغنى الصروح السياسية في جزيرة العرب على مر العصور.
ومع ذلك،
ففي بعض المرات لم يمانع الشيخ ابن عبد الوهاب ولا أتباعه من أن يتخذ الملك أو الأمير من البيت السعودي لنفسه لقب "إمام"، وهو لقب سياسي وديني مشترك بين السنة والشيعة والخوارج مع الاختلاف في المعاني والمعايير النظرية.
ولهذا لُقِّب الأمير المؤسس محمد بن سعود بـ الإمام، وكذلك مؤسس الدولة السعودية الثانية تركي بن عبدالله.
إلا أن استعمال لقب "إمام" في هذه الحالة تم بشكل منفصل عن شروطه النظرية المنصوص عليها في بعض كتب الفقه السني ومنها شرط النسب القُرشي