يكفي أن تكون هناك بعض خطوط عريضة ومهمة يلتقي معك فيها الآخرون حتى تتقبلهم وتتعايش معهم دون نظرة دونية لهم ، ودون إسقاطهم أو إبعادهم من أغلب الوظائف أو إيقافهم واستبدالهم بآخرين يبدون لك التسليم الكامل لأدبيات المذهب .
ليس من الضروري أن تعمل على صبغ عقول كل الناس من حولك خاصة ( الموظفين) في الدولة بلون مذهبي واحد ظنا منك أنك تصبغهم ( بمسيرة القرآن ) ! مع أن مناسبات وأدبيات المذهب واضحة وأغلبها إن لم تكن جميعها لم ينطق بها القرآن بشكل واضح، سوى ما كان من روايات وأحاديث، ومعلوم للباحثين كيف ومتى ظهرت أغلب الروايات وطرقها .
عليك أن تدرك أساليب وفنون التعامل مع المختلف معه مذهبيا وحتى المختلف معه عقائديا إن وجدت أقليات ذمية.
يكفي أن يعمل البعض بجانبك من الوطنيين الشرفاء الناجحين والمتمكنين من وظيفتهم المعروفون بنزاهتهم ، والذين يرفضون الغزو الخارجي لبلدهم ،ولا يعينون أو يجاملون غزاة الداخل من الفاشلين المدمرين لمقومات البلد ومؤسساته المتقلدين مناصب لا تناسب قدراتهم وليست من اختصاصهم.
الكثير بسبب عامل الحماسة خاصة من فئة الشباب يرون أنهم يمثلون الحق المطلق وذلك نتيجة لقراءة أو استماع بعض أفكار طرقت قلوبهم وصفحات أفكارهم البيضاء لأول مرة !يندفعون بعدها مباشرة وبقوة ليقعوا في الصدام مع المجتمع دون إدراك .. لقد مررنا بهذه التجربة سابقا خلال فترة الشباب ، بعد السماح لظهور الأحزاب في بداية التسعينات، ليكتشف الكثير منا أنفسهم بعد سنوات عديدة من التنافس الحزبي خاصة المنتمين للتيارات الإسلامية، أنهم وقعوا كثيرا في ممارسة أخطاء فادحة تجاه الآخر من المختلف معه وتجاه المجتمع .
حاليا تيار ( أنصـار الله) يعمل أغلب المنتمين له على تكرار واجترار التجربة الماضية لبعض الجماعات الإسلامية دون إدراك ووعي.. فهل سيتقبلون أصواتنا ونصائحنا لهم من واقع تجربة مريرة مررنا بها قبلهم؟
العمل على صبغ الدولة وموظفيها بلون مذهبي واحد دون قناعة تامة من غالبية المؤيدين لك ظاهرا فقط، لا يعد نجاحا وإن لمست منهم الطاعة والتسليم، وإن صرخوا بالشعار وإن حضروا الدورات التثقيفية الخاصة والتي تفرض على الكثير فرضا حد استماع المحاضرات بطريقة أقرب لأن تكون إجبارا وعنوة.
يكفي الموظف في عمله أن يكون ناجحا غير فاسد حتى تحترمه وتتقبله وتتمسك به ، ليس شرطا أن يكون معتقدا بأدبيات المذهب وأن يرغم على حضور كل المناسبات والفعاليات التي لا تنتهي طوال العام والتي حولت مسئولي الدولة لأن ينشغلوا بها أكثر من انشغالهم بتحسين أدائهم الوظيفي.
ما الفائدة التي ستجنيها في الأخير من استخدام أسلوب الضغط وتجسيد عوامل الإرهاب الفكري دون القدرة على امتلاك وإيجاد وسائل معقولة للتواصل والتخاطب مع الآخرين ودون الإيمان بمسألة ترك مساحة من الحرية الفكرية لدى الآخر وتقبلها بغير كبت أو إلغاء لها؟!