عبدالواسع الفاتكي
لو افترضنا أن الحرب التي تدور رحاها في اليمن منذ عام 2014، ستحل سياسيا ولو افترضنا أن هذا الحل ليس بعيد المنال، وأنه في متناول اليد، ولو تفاءلنا بأن جهود الأمم المتحدة، ستكلل بالنجاح في تحقيق حل سلمي؛ لإنهاء الصراع في اليمن، هذا الحل لن يخرج عن كونه نتاجا لموازين القوى على الأرض، وانعكاسا لحالة للعلاقات الأميركية الإيرانية والعلاقات الإيرانية الخليجية من جهة أخرى.
تدرك الميليشيات الحوثية أن ضمان أي تسوية لصالحها، يتطلب تفوقا عسكريا لها على الأرض، عبر السعي لغلبة ميدانية، تعكس نفسها على نتائج التفاوض؛ ولذلك تصر على التصعيد العسكري ضد الجيش الوطني، والتلويح بخيار العودة لاستهداف العمق السعودي والأعيان الاقتصادية السعودية بالصواريخ البالستية والطائرات المسيرة.
لنجاح أي حل سياسي للحرب في اليمن، لا بد من توفر شرطين الأول: ضرورة وجود تغير جدي وملموس في موقف الدول الممسكة بزمام الملف اليمني، يدفع بالضغط على المليشيات الحوثية؛ للتخلي عن خيار الحرب، وهذا لن يتحقق إلا بعد الاتفاق على تقاسم المصالح والنفوذ في اليمن. والثاني: هو تغير موازين القوى في الداخل لصالح السلطة الشرعية، وهذا مستبعد على الأقل في المدى القريب والمتوسط.
تكتفي الأمم المتحدة والدول الغربية بالتنظير بأن الحل السياسي هو الممكن والوحيد، في مقابل حل عسكري، ينظر إليه بأنه مستحيل، وتكتنفه مخاوف من احتمالات الخروج عن السيطرة وتأثيره على الوضع الإنساني والأمن والسلم الدوليين في منطقة جيواستراتيجية لخطوط نقل الطاقة وممرات الملاحة الدولية.
زهاء ثماني سنوات من التفاوض مع ميليشيات الحوثيين المسلحة، بلا نتائج ملموسة لإحلال السلام أليست كافية؟! كي نقتنع بعبث التحاور مع تلكم الميليشيات، لقد أصبح من المؤكد أن الحل السياسي الذي يروج له، ويدعمه المجتمع الدولي هو لشرعنة انقلاب المليشيات الحوثية، ورعاية مشروعها الطائفي العنصري؛ لتكن سيفا مسلطا على الشعب اليمني، وخنجرا في خاصرة الخليج العربي، يبرر تدخل الدول الغربية في شؤونه، ويحافظ على تواجدها العسكري في الأراضي والمياه العربية، وهو ما يفسر حرص المجتمع الدولي على صياغة حلول، تشرعن وتبقي في المنطقة العربية فواعل العنف الموالية لإيران، والممولة منها، والتي ستظل كوابحا تكبح أي نزوع عربي نحو الخروج من الهيمنة السياسية والاقتصادية الغربية، على مقدرات البلدان العربية، في مقدمتها دول الخليج العربي.