خاص | النقار | احمد العقاب
'لا دراسة ولا تدريس حتى يسقط الرئيس' كان ذاك هو شعارنا نحن ثائري 2011 من المعلمين الذين خرجوا في مختلف الساحات ضمن موجة ما سمي بالربيع العربي.
أما لماذا لا دراسة ولا تدريس حتى يسقط ذلك الرئيس، وما شأننا كمعلمين بإسقاطه من عدمه، فلأن المُخرج أراد أن نهتف هكذا وأن نكون في مقدمة الصفوف نخوض النضال بوعي ومسؤولية من منطلق أن موقعنا يحتم علينا أن نكون في صدارة دعاة التغيير. دفء الجيوب ومجيء الراتب نهاية كل شهر وفوقه العلاوات السنوية والحوافز وبدل الريف والمواصلات.. كل ذلك لم يكن في نظرنا كافيا ولا لائقا بنا الالتفات إليه بشيء من حمد الله وشكره، بل إن أحلامنا كانت في تلك اللحظة من الانتشاء أصبحت أكبر بكثير، وللدرجة التي لم نعد نعرف أين يمكن أن تقف.
خرجنا فعشناها هناك ببذلات أنيقة وجيوب دافئة، وبمسيرات يومية وجمعات أسبوعية ومنصات وخطب وبرامج وتأطيرات، لتمضي الأسابيع والأشهر سراعا فيسقط النظام ويرحل الرئيس وإذا بنا نطلق صيحات الانتصار عاليا وبصوت واحد وكبير ولائق بما قدمناه بدورنا ومن موقعنا كقادة رأي، ولا بأس عندها من أن نعود أدراجنا وقد أدينا دورنا كما ينبغي، فنلتفت إلى طلابنا ودروسنا ورسالتنا الخالدة.
لم يسألنا أحد لماذا خرجتم وبماذا عدتم. كل ما هنالك أننا منذ ذلك الوقت لم نعد نفكر بالشعار الذي خرجنا من أجله وهتفنا به في الساحات، حيث إن عشر سنوات بلا مرتبات جعلتنا نستطيع القول بأن التدريس بلا راتب أكثر جدوى للشعور بقيمة رسالتنا وأصدق واقعا من أحلام تبحث لها عن رأس يحويها في لحظة طيش عصفت بكل شيء فدفع كل شيء ثمنها. فالسلطة الجديدة التي جاءت بها تلك الثورة كانت من القدرة على التطويع والتدجين والإخضاع والامتهان وعلى سلب المرء آدميته قبل حقوقه بحيث لم يعد أحد في وارد أن يفكر بجدوى التفكير من الأساس.
هي خواطر لا تخص أحدا بذاته، بقدر ما هي لسان حالنا جميعا، في ذكرى تلك التي مازال البعض يسميها ثورة، وبعد كل هذه السنوات التي ذهبت من أعمارنا كمعلمين، باعتبارنا الشريحة التي دفعت أكبر ثمن متخيل.