خاص | النقار
من "مملكة الشر" و"قرن الشيطان" إلى "الأشقاء" و"الإخوة".. ليس من السهل على جماعة أنصار الله أن تقنع جمهورها بهذا التحول من النقيض إلى النقيض في خطابها تجاه السعودية. فالجماعة التي قدمت نفسها طيلة سنوات على أن السياسة هي آخر ما يمكن أن تفكر فيه، ها هي تريد أن تقول الآن بأن السياسة في الأخير هي التي تحكم ووفقا لقاعدتها الثابتة التي تقول بألا شيء ثابتا في السياسة.
لكن ما الذي يمكن لجماعة الأنصار، وقد أصبحت سلطة، أن تجيب به على أي سؤال من تلك التي تعصف بالذهن منذ استقبالها المهيب للسفير السعودي في صنعاء قبل حوال سنة من الآن: ما الذي يحدث؟! وأين نذهب بكل تلك الخطابات والشعارات والهتافات بأن السعودية عدو والتحالف عدو مثلما أن كلا من أمريكا وإسرائيل عدو هي أيضا؟!
هل كانت الجماعة تنتظر فقط متى تغازلها السعودية مثلما غازلت الطرف الآخر، لتهب إليها بكل اندفاع ناسية ما ظلت تكرسه في أذهان عناصرها من عدائية تجاه تلك التي أصبحت أختا وشقيقة؟! يسأل أحد أولئك العناصر بلسان حال جميع رفاقه: كيف أقنع أولادي الآن وأنا أشحن عقولهم طيلة سنوات بأن السعودية شر محض وأنها هي من قتلت الأطفال وقصفت البيوت ودمرت الحياة، وفجأة تريد مني سلطتنا المبجلة بأن أقول لهم إن السعودية أصبحت فجأة هي الملاك وهي الملاذ؟!
أسئلة مشروعة لا شك أن سلطة صنعاء تعيها جيدا، لكنها لم تعد في وارد أن تبحث لها عن إجابة تقنع بها رؤوس أولئك الذين يتعاملون بالأبيض والأسود وبإما وإما.
فمحمد عبد السلام وغيره من اللامعين وأصحاب القرار في سلطة صنعاء، لهم أن يوسعوا علاقات جماعتهم تماما مثلما يوسعون علاقاتهم، والامتيازات التي حظوا بها حتى الآن ليست بالعادية ولا الهينة حتى يفرطوا بها من أجل شعار بالعداء اقتضت المصلحة أن يتحول إلى شعار بالبراء. فالسياسة في النهاية هي المصلحة والمصلحة هي السياسة. والتهنئة التي كتبها ضيف الله الشامي على صفحته في إكس يوما ما عند فوز المنتخب السعودي على الأرجنتين في مباريات كأس العالم، فنال على إثرها من التوبيخ ما نال واضطر إلى حذفها، يستطيع أن يزجي الآن وبكل ارتياح ما يشاء من التهاني والتبريكات، وما عليه سوى أن ينتظر مسابقة الهجن أن مهرجان الكلاب حتى يبعث مشاعره الجياشة إلى الأشقاء مصحوبة بباقات وأكاليل، وبطبيعة الحال سيكون حسين العزي قد تكفل بإيصالها رأسا إلى السفير آل جابر وإلى غيره من أعضاء اللجنة الخاصة.