صنعاء – النقار
أقدمت سلطة صنعاء (الحوثي) على اعتقال الصحفي خالد العراسي من أمام سكنه، وذلك عقب يوم واحد من نشره، في 23 ديسمبر 2025، تقريراً مطولاً في صحيفة (لا) تناول ملف المرتبات والوضع الاقتصادي، وطرح فيه انتقادات حادة لسياسات سلطة (الحوثي) المالية والاقتصادية واعتبارها سبباً مباشراً في تدهور المعيشة وتعميق الفساد.
وفي تقريره، قال العراسي إن تدني مرتبات أغلب موظفي اليمن ليس نتيجة ظرفية، بل “واقع متعمد” جرى تكريسه بحيث لا تكفي المرتبات إلا لفترة قصيرة، معتبراً أن هذا النهج يجعل المواطن “مضطراً” للتعايش مع الفساد بحثاً عن مصادر بديلة للمعيشة، ويضمن استمرار الخضوع والانشغال الدائم بتأمين لقمة العيش. وربط العراسي ذلك بتعطيل الأجهزة الرقابية ووجود اختلالات في القضاء الذي يفترض أن يكون عامل ردع لناهبي المال العام.
وفي محور الإيرادات العامة، انتقد العراسي ما وصفه باللجوء إلى حلول “قاتلة للمواطن” عبر رفع رسوم سابقة أو استحداث رسوم جديدة، معتبراً أنها ترفع الأسعار وتزيد السخط الشعبي بدلاً من أن تحقق تنمية حقيقية للإيرادات. وذكر مثالاً على تضاعف رسوم التحسين "عشرين ضعفا" خلال الثلاثة الأعوام الماضية.
وانتقد العراسي كذلك قانون الاستثمار، قائلاً إن نتائجه كانت “عكسية” وفق طرحه، بسبب سريان الامتيازات والإعفاءات على مشاريع قديمة قائمة دون أن ينعكس ذلك في استثمارات جديدة، ما أدى – بحسب التقرير – إلى تراجع إيرادات من كبار المكلفين. ودعا إلى تعديل القانون وخلق بيئة استثمارية حقيقية، إلى جانب تطوير البنية التحتية.
وتناول التقرير أيضاً ما وصفه بالضربات المالية التي يتلقاها المواطن عبر البنوك أو شركات الصرافة أو منصات الاحتيال الإلكتروني، مطالباً بحسم قضايا “الاستثمارات الوهمية” وإعادة ما تبقى من أموال المساهمين في القضايا التي صدرت بشأنها أحكام، وملاحقة بقية القضايا وتكثيف التحذير الإعلامي.
وبينما لم تصدر – حتى لحظة إعداد هذا الخبر – تفاصيل رسمية حول أسباب الاعتقال، فإن توقيته يأتي بعد تقرير تضمن اتهامات مباشرة بوجود فساد مؤسسي، وانتقادات لسياسات الرسوم والجبايات، ومطالبات بمحاسبة فاسدين واستعادة أموال منهوبة وإصلاحات في ملف الإيرادات والاستثمار والقطاع المصرفي؛ وهي موضوعات تُعد حساسة في السياق السياسي والاقتصادي القائم.