الحرب التي عشنا جحيمها سبع سنوات طوال، كانت يا أبي حربا مخيبة لآمالنا، ولمستقبل لطالما بحثنا عنه، ولم نجد من آمالنا غير نهايات مؤسفة، ومن المستقبل الذي رمناه لم نجد غير فاجعة وطن تمزق وتشظى، ووجدنا أنفسنا نرزح تحت استبداد أكيد، وظلام كثيف، وظلم أشد وطأة، وبما لا يقاس ولا يقارن مع ذلك الذي يوما شكوناه وثرنا عليه.
سبع سنوات من الحرب وما أن انتهت حتى جاءت هدن تلتها هدن، وحرب تلتها حروب، فيما شعبنا يموت جوعا وقهرا ولا من يفكر بغوثه، ولا خجل ولا حياء يلتفت إليه.. الوعود تلاشت سرابا، ولا نهاية لحال مزر، وقهر يشتد كلما مضينا دون أن نعلم إلى متى؟! وإلى أين ينتهي بنا المآل وسوء الحال!! كل يوم هم يحصدون وفرا وأرباحا ومغانما، فيما شعبنا يحصد الموت جوعا وقهرا وخسرانا.
ذهبت أعمارنا وذوت، وتلاشى ما بقي لنا فيها من أحلام وأماني، وكان الحصاد المر بطعم الموت.. كانت نتائج الحرب فادحة، وكل الوعود التي صارعنا من أجلها الموت، انتهت إلى خيبات عريضة وقاتلة.
ما نعيشه اليوم أشد وأفدح من أمسنا، وقد بلغت خسارتنا أكثر من وطن لطالما دأبنا للوصول إليه، فوجدناهم يعيدوننا إلى واقع صادم يعيش عصبويات ما قبل الدولة، وأكثر منه يمنون علينا بهذا الإحسان، وهذه العودة الصارخة، والردة الماحقة.