خاص | النقار
ثلاثة لا يريدون لحرب غزة أن تنتهي: رئيس حكومة الكيان الصهيوني الغاصب بنيامين نتنياهو، والمعلق العسكري في قناة الجزيرة فايز الدويري، وجماعة أنصار الله في صنعاء.
بالنسبة لكل من نتنياهو والدويري فأمرهما مفروغ منه عاجلا أم آجلا، أما سلطة صنعاء فأمرها مع الحرب واختلاقها عضال كالمرض لدرجة أنها لا تتخيل نفسها بدونه. لأنه كلما تم مطالبتها بالالتفات إلى الوضع المزري الذي أوصلت الناس إليه قالت لهم مش وقت، نكمل الحرب وبعدين سهل. وهكذا وهكذا حتى تكون قد أجهزت على الشعب نفسه وأصبحت تحكم أحجارا وتعبد أوثانا.
وبالتالي حتى لو انتهت الحرب في غزة فلن تعدم الجماعة مواصلتها باسم آخر أو اختلاق حرب أخرى حتى مع العدم.
جيد لو كان ذلك مبنيا على التصالح مع الداخل، لكن ما يحدث هو أن كل ذاك عبارة عن حروب هروب. إنها تهرب فقط خشية أن تلتفت إلى الداخل، تهرب من الفساد والسوء والفشل، والغريب أنها تقول إنها تعبر بذلك عن مطلب شعبي، وكأنها من الشغف في تلبية مطالب شعبها لدرجة أنها لا تستطيع الامتناع، لكن الشعب لا يريد لسلطته الحاكمة أن تهرب، وإذا كان موقفها الأخير مما يحدث في غزة استجابة لمطلب شعبي فعليا، فلماذا لا تستجيب لبقية مطالبه، وأولها أن تتوقف عن حالة الفساد التي تطفح كالمجاري وأن تقوم بمسؤولياتها في توفير العيش الكريم لمواطنيها من مرتبات وتعليم وصحة. أليس ذلك مطلبا شعبيا هو أيضا؟ أليس الالتفات إلى الداخل قبل الخارج مطلبا دينيا وأخلاقيا وشعبيا ووطنيا؟
لكنها بدلا من كل ذاك تواصل فسادها بشكل صارخ وبكل فجور كما لو أنها تريد أن تنتقم من كل شيء. إنها سلطة جبائية تستغل الحرب طيلة تسع سنوات لتتخلى عن مسؤولياتها لا أكثر. استطاعت ربط كل إيرادات الدولة مركزيا، من ضرائب وجمارك واتصالات وبنوك وشركات وزكاة وأوقاف وأراضي وعقارات دولة، وتركت لمشرفيها ومسلحيها ومسؤوليها الإجهاز على ما يتبقى هنا وهناك.
تحت دعوى محاربة الربا تقوم بإصدار قوانين أكثر فداحة من الربا نفسه. يجد المواطن الذي أودع في هذا البنك أو ذاك كل ما لديه من مال نفسه أمام حقيقة مفزعة مفادها أنه ليس بمقدوره سحب ماله. كأنه ما أودع بل ودع.
وبنفس الدعوى تستولي على أموال شركات نشأت كنوع من التكافل الاجتماعي فلا تعيدها إلى أصحابها بل تضعها تحت تصرفها لتضيع في نهاية الأمر.
لا يستطيع المواطن بيع شيء من حر ماله أرضا أو بيتا أو حتى سيارة دون أن تكون قد أذنت له وفرضت عليه نسبة باهظة من الثمن.
حولت المستشفيات الحكومية التي كانت تقدم خدماتها بمبلغ رمزي إلى مستشفيات أكثر بشاعة وسلخا للأموال دون رحمة.
قضت على المدارس والجامعات الحكومية وعلى التعليم بشكل عام. فرخت مئات المدارس الأهلية التي انتشرت كالدكاكين في كل حارة وشارع.
باختصار شديد، قضت على كل شيء لتأتي فتقول صحيح أن هناك وضعا مزريا ينبغي معالجته لكن مش وقت، لتصبح فعلا سلطة مش وقت.