أكثر من نصف عام مضى ولم تنفذ سلطة أنصار الله وعدها بتسليم أموال المواطنين المساهمين في مجموعة "قصر السلطانة" التي كانت مملوكة لسيدة الأعمال بلقيس الحداد.
في يونيو 2023 حكمت محكمة الأموال العامة بصنعاء على بلقيس الحداد بالسجن لعشر سنوات، وإلزامها بتسليم مبلغ 27 مليارًا و729 مليون ريال، وحبس 80 شخصًا معها لسنوات متفاوتة، وقضت المحكمة بأن تبيع النيابة العامة "الأموال غير المنقولة" في المزاد العلني وتوريد ثمنها لصالح الضحايا وتوزيع ما تم تحصيله على الضحايا.
مضى نصف عام وقبلها ثلاث سنوات منذ بدء القضية، ولم تعد الأموال إلى أصحابها. ونحن نتحدث عن أكثر من 66 مليارًا و314 مليون ريال تم نهبها من 110 آلاف شخص خلال الفترة (يناير 2016 - 15 يوليو 2020)، ويبدو أن هذه المليارات ذهبت إلى أحضان السلطة التي لم تعد تتحدث عن القضية ولا عن مصير أموال المساهمين الذين ينتظرون إرجاع أموالهم، ولم تقم حتى بالإعلان عن المزاد العلني المزعوم.
قبل الحكم الأخير، منذ عامين، صادرت سلطة أنصار الله من الحداد مبلغ 35 مليار ريال من أموال المواطنين المساهمين في شركة قصر السلطانة بدعوى أنها شركة وهمية، وتعهدت السلطة بإعادة المبالغ للذين لم يستلموا أرباحهم، ورغم كل المناشدات والوقفات الاحتجاجية للمساهمين، لم تُرجع السلطة فلسًا واحدًا حتى اليوم، كما أن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة الذي يُفترض أن ينوط بمهام مراقبة ومحاسبة هذه السلطة، لم يعد يتحدث على الإطلاق عن القضية وعن مصير الأموال، ولا عجب، فالقائم عليها القيادي الأنصاري علي علي العماد.
ثم كيف افتعلت السلطة كل تلك الجَلَبة ضد ما تُسمى "قصر السلطانة" بحجة أنها شركة وهمية، وفي الوقت نفسه تترك مجالًا لعمل شركات وهمية أخرى؟ تحذر سلطة صنعاء المواطنين من التعامل مع أي كيانات تحت مسمى "شركات مساهمة غير قانونية وغير مشروعة وغير معترف بها"، وتدع المجال لشركات أخرى "يتم التصريح لها رسميًا" وتؤدي نفس الغرض ونفس الوظيفة ونفس الاحتيال وفقًا لمخطط "بونزي". هل "وهميةُ" هذه الشركات المصرَّح هي وهمية حلال بينما كانت وهمية الحداد حرامًا؟
تحذير السلطة نفسه من التعامل مع شركات توظيف الأموال يعني إخلاء مسؤولية أنصار الله من وقوع الناس ضحايا للاحتيال، كأنهم يقولون للشعب إن "القانون لا يحمي المغفلين".
هذا الشعب هو نفسه الذي تعرَّض لأكبر عملية نصب واحتيال من قبل جماعة أنصار الله التي سطت على رواتب الموظفين والمتقاعدين، وعلى أموال التأمينات واحتياطيات البنك المركزي اليمني وأموال المواطنين العامة في كافة مرافق وصناديق الدولة. هل سيضطر مواطن "مرتاح" إلى توظيف أمواله وزيادتها؟ الجماعة أوصلت الناس إلى ما هم فيه من فقر وجوع وقلة حيلة، كما أن عمليات توظيف الأموال نفسها ليست إلا إكمالًا لمسلسل النهب المنظم الذي مارسته الجماعة بحق الناس، مثلها مثل الجبايات، والفارق بينها هي أن المساهمات تكون بإرادة الناس المغلوبين على أمرهم، في حين أن الجبايات مفروضة عليهم بالإكراه والإجبار.
المساهمون الذين طالبوا بأموالهم التي احتالت فيها الحداد عليهم، وجدوا أنفسهم فجأة يطالبون أخيرًا أنصار الله بإرجاع الأموال، ليكونوا ضحية "احتيال رسمي" تمارسه الجماعة التي كان لها "الحق الإلهي" في الهيمنة على السيطرة فكيف بالهيمنة على أكثر من 66 مليار ريال؟