• الساعة الآن 10:30 PM
  • 16℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

ماذا يعني تطبيع العلاقات بين مصر وإيران؟

news-details

في ظل التغيرات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، فإن فوائد تطبيع العلاقات بين كل من مصر وإيران باتت تفوق تكلفة القطيعة المستمرة منذ نحو 45 عاما، ويبدو أن البلدين اقتربا من مصالحة تحقق لكل منهما مكاسب.

ذلك ما خلص إليه كل من الباحثة إميلي ميليكين والباحث جورجيو كافيرو في تحليل بمجلة "ريسبونسبل ستيتكرافت" الأمريكية (Responsible Statecraft).

ولفتا إلى أن خلية في الجيش المصري، بقيادة الملازم خالد الإسلامبولي، اغتالت الرئيس المصري أنور السادات في 6 أكتوبر/ تشرين الأول 1981، احتجاجا على توقيع مصر معاهدة سلام مع إسرائيل عام 1979.

وأضافا أنه بعدم إعدام الإسلامبولي ورفقاه اعتبرته الحكومة الثورية الإيرانية الجديدة آنذاك "شهيدا"، وأطلقت اسمه على أحد شوارع العاصمة طهران.

وتابعا أن "علاقة السادات الوثيقة بشاه إيران (رضا بهلوي الذي رحب به في مصر بعد الإطاحة به عام 1979)، فضلا عن دعم القاهرة لبغداد في الحرب الإيرانية العراقية (1980-1988) ومعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، أعطت قيادة الجمهورية الإسلامية سببا لتمجيد الإسلامبولي، ومنذ اغتيال السادات، كانت العلاقة بين القاهرة وطهران مضطربة مع فترات انفراج بين الحين والآخر".

 

فصل جديد

"لكن يبدو أن مصر وإيران تدخلان فصلا جديا في علاقاتهما، ففي الشهر الماضي انتشرت أنباء عن خطط القاهرة وطهران لتبادل السفراء في وقت لاحق من العام الجاري، إلى جانب ترتيب لقاء بين رئيسيهما"، بحسب إيملي وكافيرو.

وزادا بأنه "على الرغم من أن عدم الثقة والشك سيستمران على الأرجح في تشكيل العلاقات الثنائية، إلا أن الديناميكيات الإقليمية، جنبا إلى جنب مع مصالحها الوطنية الخاصة، تشير إلى أن التقارب بين القاهرة وطهران قد يكون قاب قوسين أو أدنى".

ووفقا لتريتا فارسي، نائب الرئيس التنفيذي لمعهد "كوينسي" والخبير في الدبلوماسية الإيرانية، فإنه "كانت هناك العديد من الجهود في الماضي لتطبيع العلاقات بين القاهرة وطهران، لكنها فشلت لأسباب متنوعة، ولكن هذه المرة، وبسبب التحولات الجيوسياسية في المنطقة، فإن تكلفة الحفاظ على حالة عدم التطبيع أعلى بكثير لكلا الجانبين، في حين أن الفوائد أكبر".

وقال كينيث كاتزمان، الزميل الأول في مركز "صوفان"، أن "حقيقة أن دول الخليج تتواصل مع إيران تجعل من السهل على (الرئيس المصري عبدالفتاح) السيسي أن يسير في الاتجاه نفسه".

وبوساطة الصين في 10 مارس/ آذار الماضي، وقَّعت السعودية وإيران اتفاقا لاستئناف علاقتهما الدبلوماسية؛ ما أنهى قطيعة استمرت 7 سنوات بين دولتين يقول مراقبون إنهما يتصارعان على النفوذ في دول عديدة بالمنطقة.

كما أكد خليل العناني، الزميل الأول في المركز العربي بواشنطن، أن الانفراج السعودي الإيراني "خلق جوا من التفاؤل لوقف تصعيد الصراعات في المنطقة لم يسبق له مثيل في العقد الماضي".

وتابع أن "التطبيع بين السعودية وإيران يزيل أي فيتو خليجي، إذا كان هناك شيء من هذا القبيل، على نظام السيسي تطبيع العلاقات مع طهران، أو على الأقل، يمكن أن يستخدمه السيسي كذريعة لتبرير تطبيع العلاقات مع طهران".

كما أن الانفراج المحتمل عززته عوامل جيوسياسية أخرى، مثل الحرب الروسية في أوكرانيا منذ 24 فبراير/ شباط 2022، فضلا عن نفوذ روسيا والصين المتزايد في الشرق الأوسط، بحسب إيملي وكافيرو.

وأضاف العناني أن "(مصر وإيران) تربطهما علاقات قوية مع روسيا والصين، وتوجد آفاق لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية وجيوستراتيجية هائلة".

 

مصالح وطنية

ومن خلال تطبيع العلاقات، بحسب إيملي وكافيرو، تأمل مصر أن تلعب إيران دورا في التأثير على حركتي المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي في قطاع غزة، حيث تبذل القاهرة والدوحة جهودا لوقف إطلاق النار كلما تصاعدت التوترات بين إسرائيل و"حماس" و/ أو الجهاد الإسلامي في فلسطين، وكلاهما تدعمهما طهران.

وقال كاتزمان إنه "في كل مرة تصطدم فيها إسرائيل ومسلحو غزة، تزداد احتمالات التصعيد".

في المقابل فإن "إيران، من جانبها، تريد تحسين علاقاتها مع المزيد من الدول في الشرق الأوسط، وتحسين العلاقات مع القاهرة يمكن أن يساعد في تقليل عزلة إيران النسبية في المنطقة، لا سيما في ضوء التقارب مع السعودية والإمارات"، بحسب إيملي وكافيرو.

وتتهم دول إقليمية وغربية، في مقدمتها إسرائيل والولايات المتحدة، إيران بامتلاك أجندة توسعية في المنطقة والسعي إلى إنتاج أسلحة نووية، بينما تقول طهران إنها تلتزم بمبادئ حُسن الجوار وإن برنامجها النووي مصمم للأغراض السلمية، بما فيها توليد الكهرباء.

ورأت إيملي وكافيرو أن "العلاقات مع مصر يمكن أن تساعد الإيرانيين في مواجهة الجهود الأمريكية والإسرائيلية لحشد الدول العربية ضد طهران".

وقال فارسي إنه "منذ أن أدركت دول الشرق الأوسط تماما أن الولايات المتحدة لم تعد في وضع يسمح لها بالحفاظ على هيمنتها العسكرية على المنطقة، شهدنا ازدهارا في الدبلوماسية داخل المنطقة، لاسيما وأن استمرار النزاعات أصبح مكلفا للغاية بينما ظهر حل للتوترات من خلال الدبلوماسية".

ومنذ فترة، تراجع الشرق الأوسط في أولويات الولايات المتحدة لصالح مواجهة نفوذ الصين في آسيا والمحيط الهادئ والتصدي لغزو روسيا المستمر لجارتها أوكرانيا.

وتابع فارسي أن "المنطقة تشهد شعورا جديدا، وقد تتم تسوية توازن جديد في الأشهر المقبلة، وتستفيد كل من مصر وإيران من تعظيم قدرتهما على المناورة من خلال اتباع شروط الحوار".

 

 

شارك الخبر: