مصير مجهول يحيط بركاب قارب هجرة لبناني انطلق من شاطئ طرابلس شمالي لبنان قبل حوالى الأسبوعين، وعلى متنه 85 شخصاً بينهم 35 طفلاً، حيث لم يبق من أثرهم كما يقول رئيس مركز سيدار للدراسات القانونية، المحامي محمد صبلوح، "سوى مقطع فيديو التقطوه خلال إبحارهم".
الرحلة نحو الحلم الأوروبي بدأت عند الساعة الثانية من بعد منتصف ليل الثاني عشر من الشهر الجاري بحسب صبلوح، كما انطلقت في ذات الوقت ثلاثة مراكب أخرى تمكّنت من بلوغ وجهتها إلى الساحل القبرصي.
وتتصدر قوارب الهجرة غير الشرعية الأخبار في لبنان، سواء من خلال البيانات التي تصدرها السلطات اللبنانية أو من خلال تداول صور عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لمهاجرين خلال رحلة إبحارهم، منهم من وصلوا إلى وجهتهم، ومنهم من غادروا المياه الإقليمية وواجهوا صعوبات حالت دون تمكنهم من الوصول إلى الشواطئ الأوروبية، ومنهم من لم يتمكن حتى من مغادرة المياه الإقليمية بعد توقيف الجيش اللبناني لمركبهم.
أصبحت "قوارب الموت" الأمل الوحيد للنجاة في ظل ظروف اجتماعية واقتصادية مأساوية يمر بها لبنان، فمنذ 2019، يعيش هذا البلد أزمة اقتصادية حادة، صنفها البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850.
تبلغ صبلوح عن اختفاء القارب بداية من خلال منظمة "هاتف الإنذار" التي أطلعته بحسب قوله أن معلوماتها الأولية تشير إلى احتمال أن يكون المركب وصل إلى قبرص، عندها تواصل مع المعنيين في الأمم المتحدة الذين أكدوا متابعة القضية من دون إعطاء أي جواب واضح.
وللوصول إلى ذوي الركاب نشر صبلوح الخبر على مواقع التواصل الاجتماعي، وإلى حد الآن تمكّن من تسجيل أسماء سبعين شخصاً غالبيتهم يحملون الجنسية السورية كانوا يقيمون على مختلف الأراضي اللبنانية والقلة منهم قدموا من سوريا للهجرة عبر الشواطئ اللبنانية، وقد أكد الأهالي له أن تواصلهم مع أبنائهم استمر لنحو أربع ساعات من لحظة انطلاق الرحلة لينقطع بعدها الاتصال معهم".
ويقول "لا كلمات يمكنها التعبير عن حال أهالي المفقودين، فهم يعيشون حالة من القلق والرعب على أبنائهم، لاسيما في ظل عدم تمكّنهم من معرفة أي معلومة عنهم".
تحرّك قانوني
"وكأن البحر انشق وابتلع المركب" كما يصف رئيس مركز سيدار، بعض الأهالي وكّلوه رسمياً متابعة القضية، ويوم الثلاثاء القادم سيتقدم بشكوى أمام النيابة العامة التمييزية لاعتبار الركاب مفقودين وسيطلب البيانات المتعلقة بهم التي تحدد من خلال هواتفهم آخر مكان تواجدوا فيه وذلك لتسهيل عملية البحث عنهم، كما سيتقدم بكتاب أمام وزارة الخارجية للطلب منها اتّخاذ الإجراءات الدبلوماسية اللازمة، أي التواصل مع الدول المحيطة بلبنان للتأكد فيما إن كانوا على أراضيها".
أمور عدة تجمع المهاجرين على متن "قوارب الموت"، على رأسها المعاناة وإغلاق كل الأبواب أمامهم، ليبقى البحر هو الوسيلة الأخيرة أمامهم لتغيير ظروف حياتهم.
ويشدد صبلوح على ضرورة أن تقوم السلطات اللبنانية بواجبها، إذ "من غير المنطقي اختفاء 85 شخصاً من دون أن يحرّك أي من المسؤولين ساكناً ويفتح تحقيقاً لتقصي المعلومات عنهم، وأياً يكن لن نفقد الأمل بأن يكونوا أحياء، فلو غرق المركب لكانت آثارهم طافت على سطح المياه".