تنتظر مصر ردا من الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، "الخميس على أبعد تقدير" بحسب مصادر تحدثت مع موقع "الحرة"، بشأن مقترحها لإنهاء الحرب الدائرة في قطاع غزة التي أدت إلى مقتل أكثر من 20 ألف شخص وتشريد نحو مليونين آخرين، حسب السلطات في غزة.
ووفقا لضابط المخابرات المصري السابق، اللواء، محمد عبد الواحد، المقرب من دوائر صنع القرار في مصر، فإن المقترح المصري يشمل ثلاث مراحل، تشمل تنازلات من الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بهدف وقف إطلاق النار.
نقلت وكالة رويترز عن مصدرين أمنيين، أن القاهرة تقترح وقفا لإطلاق النار على عدة مراحل على أن تكون المرحلة الأولية مؤقتة لمدة أسبوع أو أسبوعين، وأنه من الممكن تجديد وقف إطلاق النار المؤقت.
وينص الاقتراح المصري على أن تتخلى حماس والجهاد الإسلامي عن السلطة في قطاع غزة مقابل وقف دائم لإطلاق النار.
ووفقا لمسؤولين فلسطينيين، قالوا إن وقف إطلاق النار سيكون من ثلاث مراحل، فخلال أول عشرة أيام من هدنة إنسانية تطلق حماس سراح كل النساء والأطفال والمسنين المحتجزين لديها.
في المقابل، تطلق إسرائيل سراح عدد متفق عليه من السجناء الفلسطينيين من نفس الفئات وتوقف كل العمليات القتالية وتسحب الدبابات من القطاع وتسمح بإيصال المساعدات الغذائية والطبية والوقود وغاز الطهي.
وتسمح كذلك بعودة السكان إلى شمال قطاع غزة.
وقال مدير تحرير الأهرام، أشرف العشري، لموقع "الحرة" إن مصر عدلت من اقتراحها لتشمل توسيع الهدنة في المرحلة الأولى لتستمر من 3 إلى أربعة أسابيع.
وأضاف: "يتم خلال هذه المرحلة الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين من الأطفال والنساء والمسنين مقابل إفراج إسرائيل عن 140 سجينا فلسطينيا من نفس الفئات، وتكون هناك فرصة لبدء حوار فلسطيني داخلي لتشكيل حكومة تكنوقراط".
وبحسب وكالة رويترز، فإن مسؤولي حماس والجهاد الإسلامي رفضوا المقترح المصري بشكل أولي.
لكن العشري قال إن الحركتين لم تردا بشكل رسمي، وهما تجريان مناقشات مستفيضة بشأنه حاليا، ومصر تنتظر موقفهما خلال ساعات، أما الرد الإسرائيلي فمن المنتظر أن تستلمه مصر غدا الخميس.
وأكد عبد الواحد، في حديثه مع موقع "الحرة" أن مصر لا تزال تنتظر الرد الرسمي من حركتي حماس والجهاد وكذلك إسرائيل.
وقال العشري إن المرحلة الثانية من المقترح المصري تشمل تبادل الجثامين، وإفراج حماس عن المجندات الإسرائيليات في مقابل الإفراج عن فلسطينيين من السجون.
وأضاف أن المرحلة الثالثة من المقرر أن تشمل الإفراج عن بقية الرهائن الإسرائيليين من الرجال والعسكريين، مقابل الإفراج عن عدد من السجناء الفلسطينيين وتحديد جدول زمني للانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، وتشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية لإدارة كل من غزة والضفة الغربية، على أن تختفي حركتي حماس والجهاد من المشهد خاصة الجانب المسلح.
وتصر حماس والجهاد الإسلامي على أن إبرام صفقة لتبادل الرهائن يجب أن يؤدي إلى إطلاق سراح كل الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. وقال مسؤول كبير في حركة الجهاد الإسلامي "الكل مقابل الكل".
وإسرائيل منفتحة على تهدئة أخرى، لكنها رفضت مطالب المسلحين الفلسطينيين بإنهاء الحرب وسحب القوات من غزة، بحسب "رويترز".
ووفقا لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، قررت إسرائيل "توسيع إطار مناقشتها للخطة المصرية المقترحة" بشأن إنهاء الحرب في قطاع غزة، حيث بدأت مجموعة أوسع من الوزراء مناقشة المقترح بدلا من مجلس الحرب فقط.
ونقلت "وول ستريت جورنال"، الأربعاء، عن مسؤولين إسرائيليين، أنه "من غير المرجح أن تقبل الحكومة الإسرائيلية بمقترح يسمح بأي دور لحركة حماس في قطاع غزة بعد انتهاء الحرب".
لكن عبد الواحد أكد أنه "لكي نضع وساطة يجب على كل الأطراف أن تضع في ذهنها أن تكون هناك تنازلات، إسرائيل لن تحقق أهدافها المعلنة من الحرب، وكذلك حماس لن يكون لها تواجد في السلطة".
وأكد أن "المقترح المصري يتسم بالمرونة الشديدة وليس كتابا مقدسا، ولذلك فهو قابل للتعديل، ولذلك هي تركت المرحلة الأولى مفتوحة على اعتبار أنه كلما طالت الهدنة كانت هناك فرصة أفضل لتهدئة الأجواء وبناء الثقة".
وشدد على أن "الأهم لدى مصر هو إنهاء الحرب في أقرب وقت لأن إطالة الصراع له آثار كارثية على غزة والقضية الفلسطينية والإقليم ككل".
وقال: "مصر راعت في هذا المقترح البعد الداخلي في إسرائيل أو فلسطين، والتدخلات الخارجية التي تؤدي إلى إطالة أمد الصراع"، مضيفا أن "كل ما هو موجود، ما هي إلا أفكار نطرحها نحاول أن نوفق بين كافة هذه المقترحات".
رد منظمة التحرير
وبحسب ما نقلت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، فإن اللجنة التنفيذية لـمنظمة التحرير الفلسطينية، رفضت المبادرة المصرية.
وذكرت الوكالة أن "اللجنة ناقشت ما تم نشره في وسائل إعلامية عن ورقة مبادرة تتحدث عن ثلاث مراحل بما فيها الحديث عن تشكيل حكومة فلسطينية لإدارة الضفة وغزة بعيدا عن إطار مسؤولية منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد، وعليه قررت اللجنة التنفيذية رفضها، وتشكيل لجنة من أعضائها لمتابعة ما يترتب عليها من مخاطر تمس مصالح الشعب الفلسطيني العليا وحقوقه الوطنية الثابتة، والتمسك بالرؤية السياسية الشاملة التي تؤكد على الموقف الفلسطيني الثابت".
لكن عبد الواحد قال: "ربما تخوفت السلطة الفلسطينية من بند تشكيل حكومة جديدة منتخبة وأنه يهدد وجود منظمة التحرير، وفي الحقيقة المبادرة لم يكن فيها أي شيء من قريب أو بعيد يتعلق بهذا الموضوع، لا سيما أن منظمة التحرير الفلسطينية لها رمزية وبعد تاريخي كبير لكننا نتحدث عن انتخابات جديدة وتوافق بين المقاومة والسلطة الفلسطينية وحكومة مقبولة دوليا وإقليميا".
وأضاف: "حماس غير مقبولة من المجتمع الدولي، وكذلك السلطة حيث أن كل أعضائها كبار في السن وتحتاج إلى تجديد دمائها، كما أنها غير قادرة على إحداث أي تغيير حتى أنها تقف موقف المتفرج على ما يحدث في الضفة".
وتابع: "نحن نتحدث عن حكومة تكنوقراط منتخبة في مرحلة انتقالية يتم فيها توحيد الضفة وغزة وهو أمر مهم جدا للقضية الفلسطينية".
وصرح عضو الكنيست البارز والمبعوث الإسرائيلي السابق لدى الأمم المتحدة، داني دانون، إن إسرائيل "مستعدة لمناقشة الجزء الأول من الخطة"، المتعلق بالإفراج عن الرهائن والذي يسمح بإطلاق سراح محتجزين في غزة مقابل سجناء فلسطينيين لدى إسرائيل.
وأضاف أن الحكومة الإسرئيلية "تتعامل بجدة مع المقترح المصري، لأنه يتعامل بجدية مع أي فرصة لإطلاق سراح الرهائن"، وفق "وول ستريت جورنال".