• الساعة الآن 04:44 PM
  • 20℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

طريق "الرجاء الصالح".. تقديرات كلفة "سيدفعها العالم كل أسبوع"

news-details

 

على مدى عقود ارتبط اسم قناة "السويس" والطريق البحري عبرها، ولأكثر من مرة، برأس "الرجاء الصالح" والطريق الذي سمي باسمه، رغم أن هذين المسارين يختلفان بالوجهة والتكلفة، إلا أنهما دائما ما يجتمعان في "معادلة متضادة"، تحكمها الأزمات.

وخلال ستينيات القرن الماضي، وعندما تم إغلاق قناة السويس مع اندلاع الحرب التي اندلعت بين مصر وإسرائيل عام 1967 اضطرت سفن الشحن العالمية على مدى السنوات الثماني التالية، وحتى إعادة افتتاحها في يونيو 1975، إلى اللجوء إلى الطريق الطويل "الرجاء الصالح".

وبعدما جنحت "إيفر غيفن" وهي واحدة من أكبر سفن الحاويات في العالم في مارس 2021 بزاوية مائلة في قناة السويس، وتسببت في تعطيل حركة التجارة العالمية لأيام، عادت دفة السفن الكبرى لتتحرك نحو "الرجاء الصالح"، الطريق البديل حول أفريقيا، والذي تردد الحديث عنه كثيرا خلال الأيام الماضية.

وقد جاء تردد الاسم مجددا بعدما هددت جماعة "الحوثي" حركة الملاحة في البحر الأحمر، مما اضطر شركات شحن كبرى لإيقاف حركة سفنها باتجاه قناة السويس مرورا من باب المندب عند أقصى جنوب البحر الأحمر.

وفي مقابل ذلك اتجهت أخرى إلى الإعلان عن لجوئها إلى الطريق الذي دائما ما يعرف بأنه "وجهة مناسبة لكنها مكلفة" في وقت الأزمات، فما هو "الرجاء الصالح"؟ ومن الشركات التي حوّلت مسارها باتجاهه؟ وما تقديرات التكلفة؟

 

ما هي الشركات؟

على رأس الشركات التي قررت سلوك الطريق المعاكس للسويس "إيفرغرين" التايوانية، التي قالت في الثامن عشر من ديسمبر الحالي إن سفنها "ستبحر إلى المياه الآمنة من البحر الأحمر"، ومن ثم ستغير مسارها عبر "طريق الرجاء الصالح".

وأعلنت شركة الحاويات الألمانية هاباغ لويد (HLAG.DE) في ذات اليوم أيضا أنها "ستعيد توجيه عدة سفن عبر رأس الرجاء الصالح، حتى يتم ضمان سلامة المرور عبر قناة السويس والبحر الأحمر".

شركة "ميرسيك" الدنماركية العملاقة للشحن البحري بدورها قالت، في الخامس عشر من ديسمبر الحالي، إن "رحلاتها ستتوقف حتى إشعار آخر عبر البحر الأحمر"، وإنها "سوف تحول المسار في رحلة حول أفريقيا"، قاصدة "طريق الرجاء الصالح".

كما قالت شركة "فرونتلاين"، وهي الرابعة عالميّا بين شركات الناقلات العملاقة ومقرها العام في ليماسول بقبرص، إنها ستتجنب المرور عبر البحر الأحمر وخليج عدن، وستتحول إلى مسار الذي يلف حول أفريقيا".

وهناك شركات أخرى أيضا أوقفت عمليات النقل عبر البحر الأحمر بعد تصاعد هجمات الحوثيين، لكنها لم تحدد مسارها الجديد.

ومن بينها  شركة "بريتش بتروليوم" النفطية، ومجموعة الشحن الفرنسية (سي.إم.إيه - سي.جي.إم) و"أورينت أوفرسيز كونتينر لاين"، وشركة ناقلات النفط البلجيكية "يوروناف".

 

"بين طريقين"

وتوفر قناة السويس، التي تربط البحر الأحمر بالمتوسط، ما يتراوح بين خمسة إلى 15 يوما في المتوسط، من وقت الرحلة عبر الطرق الأخرى.

أما طريق "رأس الرجاء الصالح" فهو طريق بحري يربط بين آسيا وأفريقيا عبر الدوران حول القارة السمراء.

وبينما كانت تمر به السفن التجارية المتوجهة من وإلى آسيا قبل حفر وافتتاح قناة السويس عام 1869، ظل وجهة رئيسية للملاحة البحرية بعد ذلك، وتسلطت الأضواء عليه كثيرا قبل عامين خلال حادثة "إيفر غيفين"، وفي الوقت الحالي أيضا، مع تصاعد هجمات الحوثيين.

ويعتبر "الرجاء الصالح" طريقا تجاريا بالغ الأهمية، ويعمل أيضا كطريق ثانوي للنفط في حالة إغلاق الممرات الرئيسية لقناة السويس أو باب المندب، حسب تقرير لموقع "بزنس إينسايدر".

لكنه يختلف عن باقي الممرات البحرية من زاوية التكلفة الكبيرة التي يفرضها طول المسافة التي تجبر السفن التجارية على سلكها للعبور من آسيا إلى أوروبا.

وكمثال على ذلك تستغرق الرحلة من قناة السويس في مصر إلى روتردام في هولندا أكبر ميناء في أوروبا حوالي 11 يوما.

لكن وعند مقارنة ذلك عبر سلوك "الرجاء الصالح" يحتاج الأمر إلى 26 يوما على الأقل، وفقا لشركات البيانات المالية "ريفينيتيف".

وفي الوقت الحالي، وبعدما حوّلت كبرى الشركات مسارها من السويس والبحر الأحمر باتجاه "الرجاء الصالح" باتت تواجه زيادات هائلة في تكالف الشحن البحري، كما يورد تقرير حديث لموقع "ذا لاود ستار"، المختص بمتابعة أخبار الملاحة البحرية.

ويوضح الموقع أن تغيير المسار من السويس إلى "الرجاء الصالح" من شأنه أن "يضيف نحو 10 أيام إلى زمن الرحلة المتجهة غربا في حلقة من آسيا إلى شمال أوروبا".

ومن شأن ذلك أيضا أن "يضغط بشكل كبير على الإمدادات المحدودة بالفعل قبل رأس السنة الصينية الجديدة ويتسبب في ارتفاع أسعار الشحن".

ووفقا لكبير المحللين في مؤشر زينيتا للشحن، بيتر ساند، فإن تكلفة نقل البضائع يمكن أن ترتفع "بشكل كبير"، وحذر في حديثه للموقع قائلا: "اعتمادا على حجم ومدة أي انقطاع في قناة السويس، يمكننا أن نشهد زيادة في أسعار الشحن البحري بنسبة تصل إلى 100 بالمئة".

وأشار ساند إن حادثة سفينة "إيفر غيفين" في عام 2021، عندما أغلقت السفينة قناة السويس لمدة ستة أيام، مما أدى إلى اضطراب كبير، موضحا أن الحادثة المذكورة "تركت ندوبا عميقة ومرعبة"، وهو ما قد يتكرر في الوقت الحالي.

 

ماذا عن الكلفة؟

قبل ساعات، أكد رئيس هيئة قناة السويس، أسامة ربيع، قال في بيان صحفي إن حركة الملاحة بالقناة المصرية منتظمة، وأن هيئة القناة تتابع عن كثب التوترات الجارية في البحر الأحمر وتدرس مدى تأثيرها على حركة الملاحة بالقناة، في ظل إعلان بعض الخطوط الملاحية عن تحويل رحلاتها بشكل مؤقت إلى طريق رأس الرجاء الصالح.

وأشار ربيع في هذا الصدد إلى تحول 55 سفينة للعبور عبر طريق رأس الرجاء الصالح خلال الفترة من 19 نوفمبر، حتى يوم 17 ديسمبر، وهي نسبة ضئيلة مقارنة بعبور 2128 سفينة خلال تلك الفترة.

ويوضح مدير "مركز معلومات ودراسات الطاقة" في لندن، مصطفى البزركان، أن تحول مسار السفن الكبرى من طريق قناة السويس إلى "الرجاء الصالح" في جنوب أفريقيا يضيف فترة زمنية تقدر بأيام.

ويضيف أيضا أجور جديدة على عملية الشحن والتأمين، وهي كلفة "يتحملها بالمجمل الاقتصاد العالمي"، وفق حديث البزركان.

ويقول لموقع "الحرة": "التوقف في قناة السويس والبحر الأحمر يكلف اقتصاد العالم كل أسبوع 10 مليار دولار بالحد الأدنى وفق التقديرات".

ويعتقد أن "الخسائر الآن ستتجاوز المبلغ المذكور لأن الاقتصاد العالمي يمر بمرحلة تعرقل النمو إن لم يكن باتجاه الركود، وهو ما شهدناه في أميركا الشمالية وبريطانيا والدول الأوروبية".

وفي تقرير سابق لصحيفة "إيكونوميست" أوضحت أن هجمات الحوثيين سيكون لها تداعيات كبيرة أهمها ما يتعلق بالتأثيرات على الاقتصاد العالمي ودول إقليمية، ومخاطر التصعيد العسكري في الشرق الأوسط.

وبالنسبة للاقتصاد العالمي، فإن الإغلاق المطول لقناة السويس من شأنه أن يرفع تكاليف التجارة مع إعادة توجيه الشحن حول أفريقيا، مما يؤدي إلى زيادة التكاليف، إذ ستضطر السفن للإبحار لوقت أطول، كما سترتفع تكاليف التأمين في هذه الحالة.

ومن جهته يرى البزركان أن الأزمة الحاصلة في البحر الأحمر وتحول المسار للالتفاف حول أفريقيا سيفرض "عراقيل على صادرات النفط من ليبيا والجزائر باتجاه جنوب شرق آسيا إلى إندونيسيا وكوريا الجنوبية وتايلاند".

وعراقيل أخرى، وفق ذات المتحدث على "صادرات أميركا الجنوبية التي كانت تمر عبر المتوسط للبحر الأحمر".

ويتحدث عن آثار سلبية أخرى ستنعكس على "صادرات النفط المكرر من محطات تكرير جنوب آسيا باتجاه الأحمر إلى دول البحر المتوسط".

ورغم البوادر المتعلقة بتشكيل القوة الدولية لحماية السفن من هجمات الحوثيين، يعتقد البزركان أن "التصعيد سيلقي بظلاله على أسعار النفط والغاز لأن البحر الأحمر تمر من خلاله 8 إلى 9 بالمئة من متطلبات العالم".

شارك الخبر: