رئيس عن بعد ومتسول عن قرب، حاضر مؤتمرات من الطراز الأول، قادم بلا معنى ومغادر بلا وداع. هكذا غدا المنصب الرئاسي لدى العليمي: (أمضي أعود لأمضي كأني أؤدي وظيفة)، بحسب قصيدة للبردوني يمكن تحوير عنوانها إلى "العليمي في طائرة".
ولولا أن جواز سفره يمر في المطارات بلا تأشيرة لكان لديه المئات منها وقد امتلأت كلها بتأشيرات المغادرة والقدوم.
تقضي الأعراف الدبلوماسية أنه "بمجرد تعيينهم في مناصبهم، يحصل رؤساء دول العالم وأفراد عائلاتهم وفئة محددة من المسؤولين الساميين، جوازات سفر دبلوماسية، وتقدم لهم مجموعة من الامتيازات منها: السفر بدون تأشيرة إلى العديد من البلدان والحصول على معاملة خاصة عند عبور الحدود".
لكن العليمي لم يعد تنفع معه معاملات خاصة ولا هم يحزنون.
فمن كثرة السفريات التي يقوم بها أصبح من نافل القول أن يتم الحديث عن هذه الزيارة أو تلك فضلا عن عملية استقبال ووداع رسمية، حيث يحدث كل ذاك بشكل اعتيادي وروتيني وممل. وهكذا أيضا أصبح الأمر بالنسبة لوسائل الإعلام، حتى تلك التابعة له، فلم يعد ثمة من هو معني بتناول زيارات العليمي، بل ولم يعد ثمة من الرؤساء من يكلف نفسه عناء استقبال العليمي ضمن بروتوكولات رسمية تصدح فيها أبواق ويُعزف نشيد وطني وتُفرش سجاجيد حمراء ويستعرض حرس شرف وما إلى ذلك من رسميات مرهقة لا يستحقها، إذ يكفي ضابط مطار أو مأمور محل أن يقوم بالمهمة على أكمل وجه وأن ينال إشادة وكلمة شكر من العليمي على كرم الضيافة وحسن الاستقبال.
أصبح الحدث الأبرز واللافت هو عندما يعود العليمي إلى عدن، حيث تبادر وسائل الإعلام إلى القول: الرئيس اليمني رشاد العليمي يصل عاصمته المؤقتة عدن في زيارة تستغرق عدة أيام يطلع خلالها على أوضاع قصر معاشيق في ظل أنباء تتحدث عن محاولة أحد نوابه السيطرة على غرفة مكتبه، ما يعد اعتداء صارخا وخرقا واضحا للتوافق الذي توصلت إليه مختلف القوى والمكونات الوطنية.
عندها يسارع غوتيريش أو فاغن أو أي من أولئك الذين يحملون في حقائبهم مهام وبرامج ورسائل من بلدانهم إلى اللحاق به في عدن وعقد هذا اللقاء أو ذاك خوف أن يجدوه قد غادر مرة أخرى فيقوموا بملاحقته من فندق لآخر ومن عاصمة لأخرى. لكن العليمي يطمئنهم بسعة صدره المعتادة ألا يقلقوا من ذلك، حيث أصبح لديه منذ حين، وبعيدا عن الإعلام ومشاغله، خط ساخن وغرفة عمليات على الواتساب يمكنه من خلالها التواصل معهم من أي مكان في العالم.