• الساعة الآن 11:22 AM
  • 19℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

مساعدة في إخماد ثورة ظفار وإيرانيات في ليالي السلطان... تاريخ العلاقات العمانية الإيرانية

news-details

"ذهبت صباحاً إلى المطار حيث سيودع الشاه، السلطانَ قابوس، وبعد ذلك عدنا إلى القصر، فقال (الشاه): هذا شاب طيب جداً، ولا يخطو إلا بعد استشارتنا. قلت له: قل إنه رجل عاقل من فضلك؛ لأنك تقدم شتى أنواع الدعم له دون مقابل... ثم تساءل: ماذا فعل في هاتين الليلتین من التسکع؟ قلت له: أعطيناه أربع أو خمس سيدات كل ليلة، ولكن ماذا فعل؟ فلا أدري! ثم سأل (مازحاً): لم يكن العريس غير سعيد؟! فقلت: كلا، قد استعدت الفتيات الإيرانيات له، وهو أيضاً قد أحبهن".

هكذا جاء في المجلد السادس من مذكرات وزير الديوان الملكي أسد الله عَلَم، حول زيارة السلطان قابوس بن سعيد في حزيران/يونيو عام 1976، لتختصر هذه الأقوالُ العلاقات التاريخيّة والمستقرّة والثابتة بين الشاه والسلطان.

 

تكمن أهمية العلاقات الاستراتيجية بين إيران وسلطنة عمان في وجود مضيق هرمز بينهما، وهي قناة طبيعية تربط الخليج بالمحيط الهندي. ويبلغ طول هذا المضيق 1000 ميل بحري، تقع شماله إيران وجنوبه سلطنة عمان، وتبلغ المسافة بين البلدين 21 ميلاً بحرياً.

بدأت العلاقة بين إيران الملكية في عهد الشاه محمد رضا بَهْلَوي، وعُمان الحديثة بزعامة السلطان قابوس حين استولى على الحكم في عام 1970، حيث طلب الأخير استئناف العلاقات بين الدولتين، فرحب الشاه وتبادل البلدان سفراءهما.

وشارك قابوس في احتفالية 2500 عام على الإمبراطورية الإيرانية، وكرر زياراته لطهران، وتفقد المراكز العسكرية والاقتصادية في البلد، فرسخ علاقاته مع نظيره الإيراني.

 

المشاركة في إخماد ثورة ظفار

 

طلب قابوس من الشاه محمد رضا بَهْلَوي أن يعينه في الحرب الأهلية أو ثورة ظفار، في سنة 1972، فقبل وشارك الجيش الإيراني بنحو 4 آلاف ضابط وعشرات المعدات الجوية والبرية في صلالة، وبقيت قوات الجيش الإيراني في عمان حتى بعد نهاية الحرب، ليعودوا بشكل كامل بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979.

وأقامت المدرسة العليا للتلفزيون والسينما في طهران، دوراتٍ تدريبيةً مدتها 4 أشهر في مجالات مختلفة، لمجموعة 26 موظفاً من تلفزيون عُمان في سنة 1974.

كما قام الشاه الإيراني الذي كان يعرف بشرطي الخليج، بزيارة العاصمةَ مسقط عام 1977، وتفقد القوات الإيرانية هناك. أما بعد إطاحته في ثورة شعبية عام 1979، فلم تنهِ عمان علاقاتها مع إيران.

بعد استقرار نظام الجمهورية الإسلامية، واصلت عمان علاقاتها مع النظام الجديد، حتى استضافت مسقط طرفي النزاع في الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينيات القرن المنصرم، بغية إجراء محادثات سرية لوقف إطلاق النار، لم تفلح الوساطة، ولكن استمرت سياسات عمان تجاه إيران، فبعد حرب الخليج الأولى، استضافت وساطة ثانية لاستئناف العلاقات بين السعودية وإيران، وكذلك بين طهران ولندن.

 

وساطات مستمرة

ووفقا  لمذكرات الرئيس الإيراني الراحل علي أكبر هاشمي رفسنجاني، إن مسؤولي عمان اقترحوا الوساطة بين طهران وواشنطن في سنة 1987.

وبعد قطيعة دامت 30 سنة، زار السلطان قابوس طهرانَ في 2009، حاملاً رسائل أمريكية في عهد الرئيس باراك أوباما حول الملف النووي، فاقترحت عمان أن تدشن قناة سرية لاستئناف مفاوضات مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران.

وباشرت مسقط بالوساطة حول إطلاق سراح 3 متسلقين أمريكيين كانوا محتجزين لدى طهران، ثم استضافت اجتماعات حول الملف النووي، وتم تبادل رسائل سرية عبر السلطان قابوس بين الرئيس الأمريكي أوباما والمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، حول الملف النووي.

 

عاد قابوس إلى طهران ثانية في عام 2013، وذلك بعد اختيار حسن روحاني رئيساً للجمهورية، هو الذي رفع شعار رفع العقوبات وحل عقدة الملف النووي. وبعد الاتفاق النووي الموقع عام 2015، أثنى الرئيس الإيراني على الوساطة العمانية واستضافتها لبعض المحادثات قائلاً إن مسقط "أدت دوراً حيوياً في تنفيذ هذه المفاوضات خارج ميدان الصراع".

واستمرت الوساطة العمانية الناجعة بين طهران وواشنطن حول ملف المحتجزين في سنوات عدة، كما استضافت مسقط محادثات بين الجانبين الإيراني والسعودي لاستئناف العلاقات التي تكللت بوساطة صينية قبل أشهر.

وساطة لإيصال الأسلحة

 

وفي ملف اليمن، لم تنضم السلطنة إلى الائتلاف العسكري بقيادة السعودية في اليمن، وأعلنت وكالة أنباء رويترز، نقلاً عن مسؤولين أمريكيين في سنوات حرب اليمن، أن مسقط ساهمت في تسليم جزء من الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين وسط استياء واشنطن.

وبعد خروج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من صفقة الاتفاق النووي، وعودة العقوبات الأمريكية الصارمة، أدت مسقط دوراً كبيراً لتجاوز الأزمة والحد من الصراع العلني بين الجانبين، كما أسهمت في فتح قنوات التواصل بين إيران ودول المنطقة خلف التوترات الحاصلة بعد حرب الناقلات في الخليج، واغتيال الجنرال قاسم سليماني في بغداد سنة 2020.

كما خففت السلطنة على الجمهورية الإسلامية في حقبة العقوبات المستمرة، واستضافت الكثير من الشركات الإيرانية الهاربة من العقوبات.

ووضحت وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار العمانية أن عدد الشركات التي يوجد بها إسهام إيراني بلغ بنهاية عام 2022 حوالى 1847 شركة أسهم فيها 3600 إيراني، كما بلغ عدد الشركات التي بها نسبة 100 بالمئة من الإسهام الإيراني 1346 شركة، حيث بلغ إجمالي عدد المساهمين الإيرانيين في هذه الشركات 2623 مستثمراً إيرانياً.

 

وقامت عُمان بتبسيط الإجراءات، وتذليل ما قد يكون من صعوبات وعوائق، حيث تطورت الحركة الاقتصادية والتجارية بين البلدين وسارت في نمو طبيعي ومتنام حتى وصل التبادل التجاري بينهما حالياً إلى ما يقارب ملياري دولار أمريكي بعد أن كان لم يتجاوز مئتي مليون دولار في الماضي، فضلًا عن تقديم التسهيلات لدخول الإيرانيين عبر الموانئ العُمانية، والتوقيع على عدد من المذكرات والاتفاقيات التي أسهمت في تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية.

ماذا يحمل السلطان هيثم إلى طهران؟

بعد وفاة السلطان قابوس، ووصول ابن عمه هيثم بن طارق إلى العرش، وصل إبراهيم رئيسي إلى سدة الحكم، فزار الرئيس الإيراني عام 2022 العاصمةَ مسقط، ليؤكد على صداقة البلدين، مستندين على تاريخ ضارب في القدم يعود إلى أكثر من نصف قرن.

 

وردّ هيثم على زيارته بزيارة إلى طهران اليوم الأحد 28 من أيار/مايو، لتمضي العلاقات بين البلدين بوتيرة متطورة ومتنامية في مختلف المجالات، واستُهلت الزيارة بإعلان رسمي عن نجاح وساطة عمانية لتبادل الأسرى بين إيران وبلجيكيا في الجمعة الماضية.

ووفقاً للمؤشرات والمصادر الإعلامية، يحمل السلطان العماني، رسائلَ أمريكية معه حول الملف النووي والصراع الإيراني الأمريكي، وكذلك وساطة مسقط لرفع مستوى العلاقات الدبلوماسية والسياسية بين القاهرة وطهران. 

 

المصدر رصيف 22

شارك الخبر: