رغم كونها في "حكومة الحرب"، واتفاقهما سياسياً على القضاء على حركة حماس داخل قطاع غزة، إلا أن العديد من القضايا لا تزال تُعمق الخلاف بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وزعيم المعارضة بيني غانتس الذي يعد المنافس الرئيسي لنتنياهو على منصبه الحكومي الأبرز داخل تل أبيب.
آخر تلك الخلافات بين نتنياهو وغانتس، ما يتعلق بقضية "الموازنة الحكومية لعام 2023"، حيث طالب الأخير بحذف جميع البنود غير المرتبطة بضرورات الحرب، محذرًا من أن الفشل في تحويل جميع أموال الائتلاف التقديرية إلى احتياجات الحرب، من شأنه أن يدفع حزب الوحدة الوطنية إلى التصويت ضد تلك الميزانية المقترحة ويمكن أن يدفعه إلى "النظر في خطواته التالية".
ويعتقد محللون ومراقبون في حديثهم لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الخلاف بين نتنياهو وغانتس ليس وليد اللحظة بل له جذور سابقة، في حين أشاروا إلى أن مضى غانتس في تقديم استقالته من حكومة الحرب سيمثل تحولًا نوعياً في مسار الحرب داخل قطاع غزة، وهو ما يسعى نتنياهو لتجنبه لعدم تورطه في مأزق سياسي يهدد مستقبله الحكومي الراهن.
خلافات حول "الميزانية"
من جانبه، اعتبر الأكاديمي والمحلل المتخصص في الشؤون الإسرائيلية أحمد فؤاد أنور، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن ما بين نتنياهو وغانتس ليس خلافًا طفيفًا لكنه "خلاف حاد وتصعيد خطير".
وقال أنور إن هذا الخلاف الحاد ظهر في أزمة الميزانية، لأن غانتس لم يطلب تجميد القرار الخاص بالميزانية فقط، بل طلب إلغاء جلسة الحكومة بالكامل، وأكد أن أعضاء حزبه سيصوتون ضد مشروع القانون المقدم.
وأضاف المحلل المتخصص في الشؤون الإسرائيلية أن هذا الخلاف الراهن له خلفيات سابقة، من بينها عدم رضا غانتس عن الأداء السياسي للحكومة بشكل عام، وكذلك عدم تحقق النتائج المرجوة من الحرب في قطاع غزة.
وأشار إلى أن "غانتس رُبما يحاول القفز من القارب بأن يُهدد بتقديم استقالته من حكومة الطوارئ بدلًا من أن تتوسع ويتم ضم شخصيات معارضة أخرى"، معتقدًا أن هذا القرار من شأنه أن يمثل تحولًا نوعياً في مسار الحرب.
لكن أنور يرى أن نتنياهو سيحاول الخروج من هذا المأزق بكسب ود غانتس وربما "استمالته واسترضاءه" للاستمرار في الحكومة وعدم التشدد في معارضة قضية الميزانية.
شعبية غانتس
ويتفق مع ذلك الباحث الأميركي المتخصص في شؤون الأمن القومي سكوت مورغان، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يواجه الكثير من التحديات الداخلية، ويبذل قصارى جهده للتقليل من ذلك، خاصة في أزمة الميزانية الراهنة.
وأوضح مورغان أن غانتس يحظى حالياً بثقة متزايدة بين المواطنين الإسرائيليين منذ هجوم حماس، وبالتالي يحاول نتنياهو تجنب الاصطدام معه و"الأسئلة الصعبة" من الإدارة الأمريكية.
يأتي ذلك في الوقت الذي كشف استطلاع للرأي أجرته صحيفة معاريف الإسرائيلية، أن حزب "معسكر الدولة"، الذي يقوده الوزير الحالي في حكومة الطوارئ، بيني غانتس، حظي بأكبر نسبة من الثقة، مما يمنحه 43 مقعداً في الكنيست، وذلك في زيادة كبيرة في عدد المقاعد، مقارنة بما كان عليه الوضع قبل 7 أكتوبر.
وأوضحت الصحيفة التي أجرت استطلاعها في اليوم التالي لتصويت الحكومة بالموافقة على صفقة المختطفين، أن 52 بالمئة من الإسرائيليين يرون أن غانتس أكثر ملاءمة لمنصب رئيس الوزراء من نتنياهو الذي يدعمه 27 في المئة.
وأشار الباحث الأميركي إلى أن "بنك إسرائيل وافق على أن الحكومة بحاجة إلى إظهار المزيد من المسؤولية المالية أثناء التعامل مع التأثير الاقتصادي لهذا الصراع، لذا فإن الهدف من مكافأة نتنياهو للحلفاء السياسيين هو مصدر قلق حقيقي له في هذا التوقيت".